للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وعنها أن رسول الله قال: «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» (١) وسيأتي بسط الحديث في هذا الباب وبيان حدوده وأثره في التفاضل في العمل، في الفصل القادم إن شاء الله، (٢) وإنما القصد هنا التنبيه على أن المداومة على العمل من هدي النبي الذي تتحقق به كمال المتابعة له في العمل.

الأصل الثالث: المتابعة للنبي في العمل على وجه السداد والاقتصاد والتيسير واجتناب ما كان منه على وجه التكلف، والاجتهاد والتعسير. (٣)

جاء في الصحيحين من حديث أنس بن مالك قال: «جاء ثلاثة رهط إلى بيوت أزواج النبي يسألون عن عبادة النبي فلما أخبروا كأنهم تقالّوها، فقالوا: وأين نحن من النبي قد غفر الله له ما تقدم من ذنبه وما تأخر، قال أحدهم: أما أنا أصلي الليل أبداً، وقال آخر: أنا أصوم الدهر ولا أفطر، وقال آخر: أنا أعتزل النساء فلا أتزوج أبداً، فجاء رسول الله فقال: أنتم الذين قلتم كذا وكذا؟ أما والله إني لأخشاكم لله، وأتقاكم له، لكني أصوم وأفطر، وأصلي وأرقد، وأتزوج النساء، فمن رغب عن سنتي فليس مني». (٤)

فحذر النبي من الرغبة عن سنته، في الاقتصاد في العبادة، وبيَّن أن هديه في التعبد أكمل وأفضل من سلوك طريق الرهبنة والتشدد.

قال الحافظ ابن حجر : «وطريقة النبي الحنيفية السمحة، فيفطر ليتقوى على الصوم، وينام ليتقوى على القيام، ويتزوج لكسر الشهوة، وإعفاف النفس وتكثير النسل». (٥)


(١) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٥٤١.
(٢) انظر ص: ١٠١ وما بعدها.
(٣) انظر المحجة في سير الدلجة لابن رجب ص ٤٦.
(٤) صحيح البخاري مع الفتح ٩/ ١٠٤ ح (٥٠٦٣) وصحيح مسلم ٢/ ١٠٢٠ ح (١٤٠١).
(٥) فتح الباري ٩/ ١٠٥.

<<  <   >  >>