للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

التعبد المطلق ليس له غرض في تعبد بعينه يؤثره على غيره، بل غرضه تتبع مرضاة الله تعالى أين كانت، فمدار تعبده عليها، فهو لا يزال متنقلاً في منازل العبودية، كلما رفعت له منزلة، عمل على سيره إليها، واشتغل بها حتى تلوح له منزلة أخرى، فهذا دأبه في السير، حتى ينتهي سيره، فإن رأيت العلماء رأيته معهم، وإن رأيت العباد رأيته معهم، وإن رأيت المجاهدين رأيته معهم، وإن رأيت الذاكرين رأيته معهم، وإن رأيت المتصدقين رأيته معهم، وإن رأيت أرباب الجمعية وعكوف القلب على الله رأيته معهم، فهذا هو العبد المطلق … ». (١)

وقد ثبت في فضل التقرب إلى الله بجمع من أنواع البر، أنهم يدعون من أبواب الجنة كلها، كما ثبت في الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي قال: «من أنفق زوجين من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنة يا عبد الله هذا خير، فمن كان من أهل الصلاة دعي من باب الصلاة، ومن كان من أهل الجهاد دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الصيام وباب الريان.

فقال أبو بكر: ما على هذا الذي يدعى من تلك الأبواب من ضرورة؟ وقال: هل يدعى منها كلها أحدٌ يا رسول الله؟ قال: نعم، وأرجو أن تكون منهم يا أبا بكر». (٢)

والأصل الثاني: المتابعة للنبي في المداومة على العمل قدر الطاقة.

فعن عائشة أنها سئلت: كيف كان عمل النبي ، وهل كان يخص شيئاً من الأيام؟ قالت: «كان عمله ديمة. وأيكم يستطيع ما كان رسول الله يستطيع». (٣)


(١) مدارج السالكين ١/ ٨٩ - ٩٠.
(٢) أخرجه البخاري الصحيح مع الفتح ٧/ ١٩ ح (٣٦٦٦) ومسلم ٢/ ٧١١ ح (١٠٢٧).
(٣) أخرجه مسلم في صحيحه ١/ ٥٤١ ح (٧٨٣).

<<  <   >  >>