للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال أيضاً في بيان فضل المداومة على العمل: «وقلنا: إن فضل ذلك يرجع إلى التخفيف في العبادة». (١)

وقال أبو العباس القرطبي في شرح حديث (عليكم من الأعمال ما تطيقون): «هذا حض على التخفيف في أعمال النوافل، ويتضمن الزجر عن التشديد والغلو فيها، وسبب ذلك أن التخفيف يكون معه الدوام والنشاط، فيكثر الثواب لتكرار العمل وفراغ القلب، بخلاف الشاق منها، فإنه يكون معه التشويش والانقطاع غالباً» (٢)

وقال النووي في شرح الحديث السابق: «في هذا الحديث كمال شفقته ، ورأفته بأمته، لأنه أرشدهم إلى ما يصلحهم، وهو ما يمكنهم الدوام عليه بلا مشقة ولا ضرر، فتكون النفس: نشطة والقلب منشرحاً فتتم العبادة، بخلاف تعاطي من الأعمال ما يشق، فإنه بصدد أن يتركه أو بعضه، أو يفعله بكلفه، وبغير انشراح القلب، فيفوته خير عظيم». (٣)

وقال الشاطبي «والدليل على صحة الأخذ بالرفق وأنه الأولى والأحرى وإن كان الدوام على العمل أيضاً مطلوباً عتيداً في الكتاب والسنة ﴿وَاعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الأَمْرِ لَعَنِتُّمْ﴾ (٤)» .. (٥)

وقال ابن رجب : «إن أحب الأعمال إلى الله ما كان على وجه السداد والاقتصاد والتيسير، دون ما كان على وجه التكلف والاجتهاد والتعسير، كما قال تعالى: ﴿يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ﴾. (٦) … » (٧) ثم ساق جملة من الأدلة لذلك.


(١) المصدر نفسه ٣/ ١٤٨.
(٢) المفهم ٢/ ٤١٣.
(٣) شرح صحيح مسلم ٦/ ٧١.
(٤) سورة الحجرات (٧).
(٥) الاعتصام ١/ ٢٩٤.
(٦) سورة البقرة (١٨٥).
(٧) المحجة في سير الدلجة ص ٤٦، ٤٧.

<<  <   >  >>