للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال : «فأفضل الناس من سلك طريق النبي ، وخواص أصحابه، في الاقتصاد في العبادة البدنية، والاجتهاد في الأحوال القلبية، فإن سفر الآخرة يقطع بسير القلوب لا بسير الأبدان». (١)

إلى غير ذلك من أقوال أهل العلم في هذا المعنى، وهي كثيرة جداً مشهورة عند أهل العلم، وموطن بسطها في كتب الاعتقاد والسنة، والفقه وأصوله وشروحها.

وبهذا العرض للأدلة وكلام أهل العلم، يتبين فضل الاقتصاد في العمل، على المبالغة فيه. وسلوك مسلك الرفق والتيسير في العبادة، على التعنت والتشديد فيها.

وإذا تقرر هذا، فحقيقة الاقتصاد في العمل مما قد تختلف الناس في حدّه تبعاً لتفاوت الآراء، فما يراه بعضهم مُقْتَصَداً، قد يراه غيره شديداً، والعكس بالعكس، ولذا فينبغي أن يكون المرجع في ذلك إلى النصوص الشرعية، التي هي الحكم الفصل عند الاختلاف.

ويمكن من خلال الأحاديث تحديد الضوابط العامة لحقيقة، الاقتصاد في العمل فيما يأتي:

أولا- أن يكون العمل على وجه السداد والمقاربة، لقول النبي في حديث أبي هريرة (فَسَدِدُوا وقَارِبُوا). (٢)

والتسديد: «العمل بالسداد، وهو القصد والتوسط في العبادة، فلا يقصر فيما أمر به، ولا يتحمل منها ما لا يطيقه» قاله ابن رجب. (٣)

والمقاربة: هي التوسط بين الإفراط والتفريط، فهي على هذا بمعنى السداد


(١) المصدر نفسه ص ٥٦.
(٢) تقدم تخريجه ص: ١١٦.
(٣) المحجة في سير الدلجة ص ٥١.

<<  <   >  >>