للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقدم قوم من أصحاب الحديث ليسمعوا من بكار فقال: من أي البلاد أنتم؟ قالوا: من الرملة قال: ما حال قاضيكم، قالوا: عفيف، فقال بكار: إنا لله، يقال قاض عفيف! فسدت الدنيا.

وكان بكار عثمانياً، فتظلّم إليه رجل فجعل ينادي: ذهب الإسلام! فقال له بكار: يا هذا نُحر عثمان، فما ذهب الإسلام، يذهب بسببك؟!. فلما وقع بينه وبين ابن طولون بكَّته بها ابن طباطبا النقيب.

وقال الطحاوي: جاء رجل إلى أبي جعفر محمد بن العباس التل الفقيه فقال له: في دار لرجل غائب وإني أريد إخراجها من يدي، فقال له: صِرْ إلى القاضي فسلِّمها له. فمضى وعاد، فقال: قلت له، فقال: أخرجوه، فقال له التل: صدق، عُد إليه واذكر له موضعها وحدودها ففعل، فقال: أخرجوه، فقال له التل: صدق، عُد إليه وسَمِّ له اسمَ صاحبها وأنه غائب، فقال أخرجوه، فقال التل: صدق، عُد إليه واذكر له الموضع الذي هو غائب فيه، فقال: أخرجوه. فقال التل: صدق: عُد إليه واذكر أنه لا ملك لك عليها، ولا على شيء منها بسبب من الأسباب. فقال: أخرجوه فقال التل: صدق. عُد إليه وقل له وأنا عاجز عن حفظها، فمضى ثم عاد فقال: عرفته ذلك. فقال: اكتبوا عليه بما ذكر كتاباً وأعطوه نسخته، واقبضوا الدار وأقيموا لها أميناً، حتى يحضر صاحبها، فقال له التل: ابتلِيتَ بقاضٍ فقيه.

قلت: والتل هذا يسمى محمد بن العباس بصري سكن مصر، ومات في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين ومائتين.

وقال بكار يوماً في مجلسه: ما حللتُ سراويلي على حلال قط، فقال له رجل ولا حرام؟ فقال: والحرام يذكر! وقال أبو مسعود الأسد: كنت أتردد أنا وأخي إلى بكار بسبب أحباسنا، فجئت يوماً فصعدت إلى الدرجة، فسمعته يخاطب وكيلاً له ويقول له بعثتك لتزوج امرأة فتزوجتَها أنت! وهو يعتذر، وبكار يوبخه، فلما مضى كلامه نزل، فعرفته وإذا هو من شهوده.

وكان الحسنُ بن محمد بن سنان ابن أخي يزيد بن سنان من وجوه المصريين، وكان يريد من بكار أن يقبل شهادته، فلم يفعل، فصعدت أنا إلى بكار فقال: متى جئت؟ قلت: حين كنت تعاتب فلاناً، فقال: خذ هذين الدينارين اكتم ما سمعتَ مني، فقلت: أفعل. ثم نزلت من عنده إلى الحسن

<<  <   >  >>