ابن محمد فقلت له: أريد عمامة وطيلساناً وأحدثك حديثاً، فأخرج إلي عمامة، وثوباً زهرياً فحدثته، فركب من ساعته فلم يرجع حتى طاف على وجوه المصريين. فبلغ ذلك بكارا فأرسل إلي فقال: أعرَّفتَ أحداً ما سمعتَ؟ قلت: لا أفشي سر القاضي، قال: فمن أين بلغ الخبر الحسن بن محمد؟ قلت: قد قيل إن الجن تَبول في الماء فلا يشرب أحد من ذلك الماء إلا علم بذلك الخبر فقال بكّار: فقد قيل. انصرف في حفظ الله. قال: وكان الحسن بن محمد أميناً عند القضاة.
وكانت ودائع بكار وغيره عنده وعند زوجته فاطمةَ بنت يزيد بن سنان، وعاش الحسن بن محمد إلى سنة تسع وتسعين ومائتين.
وقال ابن زولاق حدثني عبيد الله بن عبد الكريم قال: كان بكار يشتهي أن يسمع كلام المُزني، فاجتمعا يوماً في جنازة، فأشار بكار إلى أبي جعفر التل، أن يسأل المزني عن مسألة، فقال التل: ما رأيت أعجب من أصحابنا الشافعيين، لهم أحاديث في تحريم قليل النبيذ، ولنا أحاديث في تحليله، فمن جعلهم ألوى بأحاديثهم منا بأحاديثنا؟ فقال المزني. ليس يخلو أن تكون أحاديثُكم قبل أحاديثنا أو بعدها، فإن كانت قبلها، فهكذا نقول إنها كانت محلَّلة ثم حرِّمت، فما نحتاج إلى أحاديثكم. وإن كانت أحاديثكم بعد أحاديثنا فهذا لا يقول أحد، إنها كانت حلالاً ثم صارت محرَّمة ثم يحلِّل. فقال بكار سبحان الله! إن يكن كلام أدق من الشعر فهو هذا، واتفق فراغهم، فصاح المنادي انصرفوا.
قال عبيد الله بن عبد الكريم: وكان بكار يخالف أصحابه في تحليل قليل النبيذ، ويذهب إلى تحريمه. وعاتب أبا جعفر التل صاحبُه على الشرب، قال: وكان بكار في غاية المعرفة بالقضاء، فاحتاج مرة إلى قبول شهادة رجل فسأل عنه فقيل له: ما يعرف حاله إلا ابنا الخلال الشافعيان، وكانا من جلساء المزني فأرسل إليهما، فسألهما فقالا: عامَلْناه وأوفانا. فقال لهما بكار: عاملكما وأوفاكما وأعفاكما؟ فقالا: لا، ترددنا إليه. فقال: وكان قادراً على الوفاء؟ قالا نعم. قال: فوقف عن قبول شهادته. قال: وكان
في مجلس ابن طولون، فتخاصم رجلان فقال له احكم بينهما، فنظر في القضية وتوجهت اليمين على أحدهما، فاستحلفه. فلما فرغ، قال له الخصم: استحلفه أيها القاضي برأس الأمير، فقال