للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

للحسين أرزاق عمه وصلاته وإقطاعاته. وشرط عليه ألا يتعرض

من أموال الرعية، لدرهم فما فوقه. وخلع عليه وقلده سيفا، وحمله على بغلة، وفوض إليه الحكم لجميع المملكة، وكذلك الخطابة، والإمامة بالمساجد الجامعة، والنظر عليها وعلى غيرها من المساجد. وولاه مشارفة دار الضرب والدعوة، وقراءة المجالس بالعصر، وكتابتها.

وهو أول من أضيفت إليه الدعوة من قضاة العبيديين، وكان الناس يظنون أنه لا يتولى القضاء لضعف حاله، وأن الولاية إنما هي لعبد العزيز بن محمد ابن عمه لما كان أبوه قدمه في الحكم في حياته، وهذَّبه، ودربه.

ثم رفع جماعة من الناس أن لهم ودائع مودعة في الديوان الحكمي، فأحضر القاضي ابن عمه عبد العزيز بن محمد بن النعمان، وكاتب عمه أبا طاهر بن السندي، وسألهما عن ذلك. فذكرا له أن عمه تصرف في ذلك كله على سبل القرض، فأنكر عليهما ذلك، واشتد في المطالبة. وولي استرفاع حسابهم، فَهْد ابن إبراهيم النصراني، كاتب بَرْجَوَان، وفتش عليهم وألزم عبد العزيز ببيع ما خلفه أبوه، فباغ الموجود فتحصل منه سبعة آلاف دينار وزيادة. وحصل الكاتب قدرها مرتين فاستدعى القاضي، وهو جالس بالقصر أصحاب الحقوق، فوفاهم حقوقهم، وقرر في زقاق القناديل موضعاً للودائع الحكمية. وأقام خمسة من الشهود يضبطون ما يحضر ويصرف.

وهو أول من أفراد للمودع الحكمي مكاناً معيناً. وكانت الأموال قبل ذلك تودع عند القضاة أو أمنائهم.

وباشر الحسين بصرامة ومهابة، وهو أول من كتب في سجله قاضي القضاة. وأبوه أول من خاطب بها من قضاة مصر.

وتقدم إليه الحسن المغربي في خصومة، فنزل لسانه بشيء خاطب به القاضي فأغضبه. فأرسل إلي وإلي الشرطة، فضربه ألف درة وثمانمائة دِرَّة بحضرة صاحب القاضي. وطيف به فمات من يومه. وأخرجت جنازته فحضرها أكثر أهل البلد، وكرموا قبره، والدعاء له، وعلى من ظلمه. وندم القاضي على ما فعل، وفاته الندم.

فلما كان في رجب سنة ثلاث وتسعين أذن الحاكم لعبد العزيز بن محمد أن يسمع الدَّعْوَى والبينة، مع استمرار الحسين على وظائفه، فرتب عبد العزيز له

<<  <   >  >>