للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

مصر والإسكندرية والشام وحمص وفلسطين والرملة وطبرية وأعمال ذلك. وكثر نوابه بسبب ذلك. ونظر في المواريث والأحباس ودار الضرب. واستناب

أبا بكر ابن الحداد، فقيه الديار المصرية. وكان يخلفه فيا لحكم. وكان هو يجلس في الجامع كل سبت.

وكان مفضالاً سخياً، يقال: إنه بلغه أن ابن الحداد بني داراً، فأرسل إليه ثلاثمائة دينار، وقال: اشتر بهذه سُتُورا.

ودخل عليه مرة وفي يد القاضي قطعة عنبر ويشمها، فناولها له فشمها، ثم ردها. فأنكر عليه، وقال: سبحان الله! وأبى أن يستردها منه، ويقال: إن وزنها كان مائتي مثقال. ثم وقعت بينهما مشاجرة في شيء، فتقاطعا.

وخرج ابن الحداد معه مرة وكان الحسَين يباشر القضاء بنفسه غدوة وعشية، فتوسط بينهما الحسن بن طاهر الحُسَيْنّي يباشر القضاء بنفسه غدوة وعشية، فتوسط بينهما الحسن بن طاره الحُسَيْنّي، عم أبي جعفر مسلم. فتوجه إلى الجامع عشية الجمعة، فاخذ بيد أبي بكر، ومضى به إلى ابن أبي زرعة، فأصلح بينهما. فقال ابن أبي زرعة: ما كان لنا بد من نصيب، يشير إلى أن ابن الحداد حاد الخلق، ثم قلا: والله ما أعده إلا والداً. فانكب ابن الحداد عليه يقبل صدره فاصطلحا، وعادا إلى ما كانا عليه من الرضا إلى أن تفرقا بالموت.

ويقال: إن الحسن بن طاهر لما دخل بابن الحداد، رأى التحسين في العلو فبلغه فنزل، ومر عليهما فسلم ولم يجلس عندهما، وتوجه إلى مكان آخر فجلس

فهي واستدعاهما، فلما دخلا عليه قام وتلقاهما، وفعل ذلك أدباً مع الشريف، لئلا يقوم إليهن فاستحسن من رأي ذلك عنده، وعدّوه من آدابه.

واستكتب في الحكم الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن بن إسحاق الجوهري، الماضي ذكره قريباً. وعدل جماعة من الأشراف ومن وجوه مصر.

قال ابن زولاق: ولم يكن ابن أبي زرعة يخالف ابن الحداد في شيء. ولما صرف ابن أبي الشوارب عن القضاء وذلك في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، واستقر عوضه أبو نصر يوسف بن عمر بن أبي عمر، كتب إلى ابن أبي زرعة باستمراره على قضاء مصر، فقبل ذلك. فقرأ كتابه على الناس في داره وفيه: وهذا عهدي إليك بخطى، وكان حسن الخط.

وذكر أبو الطاهر الذهلي أن سنّ يوسف حينئذ كانت نحو العشرين، فيقال: إن ابن الحداد قال لابن أبي زرعة: تقبل كتاب صبي! وما عليك أن تأخذ أنت هذا

<<  <   >  >>