للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وأما الذي قرأ على ابن الخشاب وابن الحبال وغيرهما، فهو أبه لا محالة.

حمزة بن علي بن يعقوب بالغَلّبُوني استخلفه مالك بن سعيد الفارقي على الحكم، في رجب سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة لكثرة اشتغال مالك بملازمة الحاكم. وفوض إليه جميع الأمور، وخلع عليه من منزله. وهو أول من فعل ذلك من القضاة. وإنما كانت الخلع من منزل الخليفة أو السلطان، وكثر اجتماع الناس عنده، وتردّدهم لقضاياهم عند مالك. واستكثر حمزة من سؤال مالك في الأمور إلى أن أضجره. فرفع إليه جماعة عنه أموراً أنكرها، وبالغوا في ذلك إلى أن منعه من حضور المجلس، فانقطع مدة ثم حضر فانتهره، فخرج فاستتر. فكتبوا فيه محضراً اشتمل على عظائم، وأطلقوا القول فيه، فرضى مالك بإبعاده، ولم يزجر من وقع فيه. وكانت صورة المحضر بعد البسملة:

هذا ما شهد به من يُسَمَّي في هذا الكتاب، أنهم يعرفون حمزة بن علي بن يعقوب الغَلَبُوني الوراق، معرفة صحيحة لشخصه ونسبه واسمه، ويشهدون أنهم انكشف لهم من حاله، من قلة الأمانة، وظهور الخيانة، ورقة الدين، واغتصاب مال المسلمين، والارتشاء على الحكم، إلى غير ذلك من القبائح. وصح عندهم أن في بعده عن باب الحكم طهارة له، وصلاحاً للمسلمين، وصونا لحرمهم وأموالهم. هذا مع مخالفته لمذهب الإمام، وتظاهره بخلافه، أن قاضي القضاة كان إذا بلغه شيء من ذلك يزجره ويحذره فيظهر الرجوع ثم يعود، حتى صار يختلي بالمرجفين، ويسعى في الأمور العظيمة، والأحوال الجسيمة، التي لا يكاد ينطق بها اللسان، فثبت أنه غير موضع للقضاء، ولا لقبول الشهادة، يعلمون ذلك، ويشهدون به، بسؤال من جاز سؤالهم، إن ثبتت شهاداتهم بما علموه عنه، فأجابوا إلى ذلك، وكتبوا خطوطهم على علم منهم، وذلك في ذي الحجة لسنة ثمان وتسعين وثلاثمائة.

ثم زادوا في الحط عليه، فتغيب فقيل لهم: إنه اختفى عند أبي القاسم ابن المَغْرَبي الوزير ليشفع فيه، فلم يعرف بذلك. ثم وجد أخوه فقبض عليه وأهين، ثم هرب. فلم يزل هو وأخوه مستترين حتى ظفر بهما، فاعتقلا في المحرم سنة

<<  <   >  >>