وكانت هذه المدرسة قد عطلت نحو ثلاثين سنة من المُدَرِّس. لكن بعض الطلبة يلازمها مع المعيد، ويقرر لهم. وكانت عدتهم عشرة انفس إلى أن سعى تقي الدين ابن رَزِين، فقرر في تدريسها بنصف المعلوم، فباشرها إلى أن مات. ثم آل تدريسها للقاضي برهان الدين السنجاري المذكور، فباشرها بجميع المعلوم المقرر للناظر والمدرس.
قرأت ذلك بخط شمس الدين الجَزَرِي في تاريخه، وأرخ ذلك في عاشر شهر ربيع الأول من سنة إحدى وثمانين وستمائة.
وقرأت بخط الجزَرِي أيضاً أن البرهان المذكور حج في سنة اثنتين وثماني وستمائة، أن الباسقردي كان أمير الرَّكْب، فوقع بينه وبين أبي طثمي أمير مكة، فمنع أبو نمي الناس من دخلوا مكة يوم التَّروية. فحاصره الباسقردي، إلى أن كسر الباب الذي من جهة الحجون ودخلها عنوة، فقام البرهان السنجاري إلى أن أصلح بين الأميرين، وسكنت الفتنة.
ولما أن صرف تقي الدين عبد الرحمن ابن بنت الأعز في أوائل صفر سنة ست وثمانين وستمائة، تقلد البرهان السنجاري قضاء البلدين أي الحرمين شرفهما الله إلى يوم القيامة آمين. فباشر ذلك نحو عشرين يوماً، وأدركته الوفاة فمات. ويقال أنه شم من جهة الوزير الشجاعي. وكان البرهان من محاسن الزمان إفضالاً وإحساناً واحتمالاً.
وقرأت بخط الصفدي: كانت فيه مروءة وتودد، ومسارعة القضاء مآرب الناس.
وذكر الحافظ علم الدين البرزالي: أنه قرأ عليه جزءاً سمعه على ابن اللمط، قال السراج الوراق يخاطب برهان الدين المذكور: