فقال مروان: يا عباد الله، ألا تعجبون من عابس كيف يهضم نفسه! فأقره على القضاء.
وقال عبيد الله بن أبي جعفر: سألت حَنَش بن عبد الله، كيف جُعل عابس على القضاء، وهو أعرابي مدري؟ قال: إنه جالس عقبة بن عامر وعبد الله بن عمرو حتى استفرغ علمهما.
ولما ولي عبد العزيز إمرة مصر، زاد في عطائه. وهو الذي حفر خليج مصر. ولم يزل قاضياً إلى أن مات في إمرة عبد العزيز سنة ثمان وستين. وكانت مدة ولايته ثماني سنين.
عبد الله بن إبراهيم بن مُكرَم أبو يحيى. كان من شباب بغداد. ويقال إنه شهد عند القاضي أبي عمر قاضي بغداد. وولي قضاء مصر، فاستخلفَ فيها أبا الذكر، ولم يدخلها.
وذكر بعض شيوخنا أنه دخل مصر، وذكر له قصة في القرافة. والصواب أن صاحب تكل القصة في القبور غيره.
وذكر أبو بكر بن الحداد، أن القاضي أبا عبيد بن حربويه لما أرسله إلى بغداد يستعفي له عن قضاء مصر، كان يتردد إلى على بن عيسى بن الجراح، فيمتنع أن يعفيه ويقول: مهما كان يكرهه أنا أزيله. قال: وما أظن إلا أنه كره المرافقة مع هلال بن بدر، لأنه شاب غِر، لا يعرف قدره. فأنا أصرف هلالً وأُوَلِّي أحمد بن كيغَلَغ، شيخ عاقل، يعرف قدر القاضي.
وكان ابن الحداد يلح عليه في قضاء ما أراده القاضي أبو عبيد، فلا يريد أن ينصرف عن بغداد إلا بمراده.
فقدر أن صرف ابن الجراح عن الوزارة، واستقر أبو الحسن ابن الفرات، وكان منحرفاً عن أبي عبيد، لأنه راسله في أمر مهم له، فامتنع من عمله، لأنه كان لا يسوغ عنده، فحقد عليه. فلما وَزر، قيل له عن قصة أبي عبيد، فقال: اصرفوه. وأرسل إلى ابن مكرم الذي كان حينئذ قد ولى القضاء ببغداد، بأن يرسل إلى مصر قاضيها بها.