وقال ابن الحداد: تظلمت امرأة من محمد بن علي الماذَرَائي فِي مطالبته بشفعة، فأرسل إِلَيْهِ أبو عبيد فدافع وَلَمْ يحضر. واتفق أنه حج فِي تِلْكَ السنة فما ودعه أبو عبيد ولا تلقاه. وماتت أمه فما ركب إِلَيْهِ ولا عزاه. فرفعت إِلَيْهِ المرأةُ قصةً فِيهَا أن تردادها قَدْ كثر، وأن أمرها قَدْ طال. فوقع القاضي عَلَى ظهرها، أيتها المرأة المتظلمة من محمد بن علي، إن خصمك رجل مترف عجول، قَدْ غلبت عَلَيْهِ الأهواء وأنا مرسل إِلَيْهِ برجلين فظَّين غليظين، يقيمانه من مجلسه، ويجيئان بِهِ، فإن خرج من الحق الَّذِي عَلَيْهِ، وإلا أغلقت بابي، واستعفيت إِلَى السلطان من عمله والسلام.
فبلغ ذَلِكَ محمد بن علي فاغتاظ. فأرسل إسحاق بن إبراهيم الرازي إِلَيْهِ فِي فصل القضية أو الحضور، فأجابه بأن لي باب القاضي وكيلين، فأعاد إِلَيْهِ أن الوكيل لا يحلف عنك. فقال: إِذَا وجبت اليمين يُرسل إليَّ شاهدين فأحلف أَوْ أرد اليمين.
فقال: لا سبيل إِلَى إرسال الشاهدين. فقال قَدْ أرسلت إِلَى غيري بشاهدين. فقال: مَا صنعت هَذَا إِلاَّ برجل واحد، وهو زيادة الله بن الأغلب. أمرت بإحضاره مع خصمه، فجاءني أبو منصور تكين فقال: إن هَذَا فِي صورة الخوارج، وإني أخشى أن تغلظ عَلَيْهِ فيمتنع أَوْ يختفي أَوْ يهر أَوْ تلحقه آفة، فنقع فِي العتب مع السلطان ويقال لَنَا مَا كَانَتْ لكما سياسة، فإن تقمصت بقميص زيادة الله، وخيف منك مَا خيف منه، أرسلت إِلَيْكَ بشاهدين.
وكان الطحاوي هو الَّذِي يلقن محمد بن علي الأجوبة، فالتمس منه جواباً عن هَذَا الأخير.
وَكَانَ الطحاوي بلغه أن أبا عبيد أرسل إِلَى محمد بن علي يقول لَهُ: تَعِس من لقَّنك. فامتنع الطحاوي بعد ذَلِكَ من الكلام، فقال محمد بن علي قل لَهُ: مَا أحضر فليصنع مَا شاء. فأمر القاضي المرأة أن تأخذ بلجام محمد بن علي، ففعلت بِهِ ذَلِكَ فتوسط أحمد بن محمد الماذَرائي بَيْنَ المرأة وبين محمد بن علي، حَتَّى اشترى حصتها بألف دينار. وَكَانَ قد اشترى قدرها بثلاثمائة وأنقدها الثمن. وأشهد عَلَيْهَا حسين بن محمد بن مأمون، ومحمد بن الربيع الجيزي. فشهدا عند القاضي بذلك بحضرة المرأة، ومعها المال. فلما علم القاضي بذلك ركب فِي الحال إلى محمد بن علي فهنأه بالحج وعزاه بأمّه.
قال ابن زولاق: وحدثني أبو علي بن أبي جبلة كاتب تكين قال: ارتد نصراني فاستتيب فلم يرجع. فشاور تكين القاضي فِي قتله، فركب القاضي إِلَى تكين هو