بأبي طاهر فركِب أبو طاهر إِلَى كافور وهو فِي مجلس المظالم ومعه رجال الخَصيبيّ، فجاءوا قاصدين كافور فصرفه فمضى إِلَى دار نحرير الخادم وعنده الشهود والأعيان، فركِب نحرير إِلَى كافور فكلَّمه فأرسل إِلَى الشهود وقال لهم: اختاروا قاضياً. قالوا: اخترنا أبا الطاهر فإنه جاورنا فما رأينا إِلاَّ خيراً. وأثنى عَلَيْهِ يحيى بن مكّيّ بن رجاء والحسن بن أيوب الصيرفي. فولاّه كافور، فانصرف إِلَى الجامع وتسلم ديوان الحكم والأحباس وباشر بِحُسْن سياسة فأحبه الناس وأَلان لهم جانبه.
وَكَانَ سهلاً فِي الأحكام لا يتشدد لما كَانَ أهل دمشق عاملوه بِهِ، وَكَانَ فِي أحكامه فِي مصر كالمحجور عَلَيْهِ لكثرة جلوس كافور للمظالم فِي كل سبت.
وكان يوقّع إِلَى الشهود، وقبض كافور يده عن الأحباس وتسلّمها منه فِي شوال سنة خمسين وردّ أمرها إِلَى الحسن بن أيوب ويحيى بن مكّيّ. وعدَّل فِي ولايته جماعةً من الأشراف.
ورفعت إِلَيْهِ امرأة أن زوجها أشعر الذَّكَر وأنها لا تُطِيقه فحكم عَلَيْهَا بأن لا تمنعه يوم يتنوَّر ثُمَّ قال لَهُ: تَنَوَّرْ أنت كل يوم إن شئت.
وقال عبد الغني بن سعيد: كَانَ ربما اختار خلاف مالك ومن ذَلِكَ القضاء بشاهد ويمين. وَكَانَ يحكى عن أبيه وإسماعيل القاضي أنهما كانا لا يحكمان بِهِ وَكَانَ إِذَا شَهد الواحد وَلَيْسَ معه غيره ردّ تِلْكَ الشهادة.
قال ابن زولاق: وَلَمْ يزل أبو الطاهر ينظر فِي الأحكام حَتَّى قدِم جوهر بعسكر المُعِزّ فانزعج أهل مصر لذلك، فندب الوزير ابن الفرات أبا جعفر مسلماً الحسينيّ وأبا إسماعيل الزينيّ، وأبا الطاهر القاضي فِي جماعة من وجوه البلد، فخرجوا إِلَى جوهر وكلّموه فِي الأمان، فكتب لهم سِجِلاًّ ورفع قدر القاضي وخلع عَلَيْهِ.
ثم دخل جوهر مصر وأقرّ القاضي عَلَى حاله، لكن ألزمه أن يحكم فِي المواريث يقول أهل البيت وَفِي الطلاق وَفِي الهلال. وَكَانَ القاضي يتراءى هلال رجب وشعبان ورمضان كل سنة بسطح الجامع، فأبطل ذَلِكَ وصار الهلال بالعدد شهراً ثلاثين وشهراً تسعاً وعشرين، فِي الصيام والفِطر وغير ذَلِكَ.
ثم وصل المعز فتلقاه وجوه أهل البلد إِلَى الإِسكندرية، فخلع عَلَى القاضي وحمله