ووليها ابن زَبْر شهراً واحداً وثلاثة أيام وفَجِئَه الموت، فرد الأَخشيد القضاء إِلَى الحسين ابن عيسى بن هَرَوان فاستخلف ابن وليد، فلما كَانَ فِي شوال سنة تسع وعشرين وثلاثمائة صرفه وأعاد ابن بدر، فاستخلف أبا الذكر عَلَى الفرض، وشرط عَلَيْهِ أن يحكم للمطلقة ثلاثاً بالسّكنى والنفقة اتباعاً لمذهب أبي حنيفة، وباشَر الحكم إِلَى شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة فمات وسِنّه يومئذ ست وستون سنة وَكَانَتْ ولايته الأخيرة أحد عشر شهراً وولي بعده أبو الذِّكر محمد بن يحيى ابن مهدي.
قلت: وَقَدْ ذكره مُسلمة بن قاسم فِي الصلة الَّتِي جعلها ذيلاً عَلَى تاريخ المحدّثين الكبير للبخاري فقال: كَانَ حنفي المذهب وَلَيْسَ هناك فِي الرواية. وَكَانَ صاحب رشوة فِي قضائه وَلَمْ يكن عندهم بالمحمود وأرخ وفاته فِي شعبان كما تقدم.
ومن شيوخه مقدام بن داود الرعيني.
وقد ذكره ابن عساكر فِي تاريخ دمشق مختصراً جدّاً. فقال: محمد بن بدر بن عبد العزيز المصري سكن دمشق مدة وحدث بِهَا وبمصر عن علي بن عبد العزيز، ثُمَّ رجع إِلَى مصر وولي القضاء بِهَا ومات بِهَا. كتب عنه أبو الحسين الرازي والد تمام. وذكره فِي شيوخه ثُمَّ نقل وفاته عن أبي سعيد بن يونس فقال: مات محمد بن بدر فِي يوم الاثنين لست وعشرين ليلة خلت من شعبان سنة ثلاثين وثلاثمائة، كتبت عنه.
واتفق فِي ولاية محمد بن بدر الأخيرة أن الإِخشيد أنشأ قيسارية البَزّ فِي سوق الحماد وأراد أن يبني السقيفة، فتقبل محمد بن عبد الله الخازن قطعة من حَبس السري ابن الحكم فِي الموضع المعروف بالمدينة المقابل لقيسارية الإِخشيد. وأمضى محمد بن بدر وأسجل من يشهد فِيهِ يوم موته، فكان ذَلِكَ آخر شيء حكم فِيهِ ومات فِي عشي ذَلِكَ اليوم.
ولما اعتل وقرب شهر رمضان خوطب فِي الركوب لرؤية الهلال، فقال: إن وجدت خفّة ركبت وإلا فاركبوا مع ابني أحمد، وَكَانَ إذ ذَاكَ صغيراً، فمات محمد ابن بدر لثلاثٍ بقين من شعبان وكان سِنّه حين مات ستاً وستين سنة، وَلَمْ تكمل ولايته الأخيرة سنة بل تنقص قدر شهر.