للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

فاتفق الحال أنهم فِي كل وكالة يشهد أربعة، اثنان من شهوده واثنان من الشهود الأولين، فمشى الحال عَلَى ذَلِكَ إِلَى أن حضر أبو صالح خير الخادم وَكَانَ من أعيان الشهود فشهد عنده شهادة وشهد معه اثنان. فقال لَهُ: أين الرابع؟ فقال: أَيُّها القاضي أشهد عند أبي عبيد مع واحد وأشهد عندك مع ثلاثة! ونهض فبطل ذَلِكَ الشرط وتَبَسَّط ابن بدر فِي هَذِهِ الولاية فِي الإِساءة لمن كَانَ أساء إِلَيْهِ أولاً.

وأسقط عبد الله بن وليد بإشارة أبي الذكر، فلزم عبد الله بن وليد داره وأرسل إِلَى بغداد يسعى فِي قضاء مصر، وبذل لأبي الشوارب مالاً فكتب بعهده، فورد عَلَيْهِ فِي شهر رمضان سنة ثمان وعشرين، فركب إِلَيْهِ الشهود فتوجه إِلَى الحسين بن عيسى بن هَرَوان وَكَانَ بمصر فأقرأه العهد وسأله الإعانة، وَكَانَ الإِخشيد حينئذ يقاتل محمد ابن رائق. والحسن أبو المظفر أخو الإِخشيد يخلفه عَلَى مصر. فركب ابن وليد إِلَيْهِ وأخبره بالقصة فتوجّه سليمان بن رستم إمام المسجد الجامع ويحيى بن مكي بن رجاء إِلَى الحسين بن عيسى فَحسَّنا لَهُ قضاء مصر، وضمِنا لَهُ أن مح بن بدر يخلفه، فركب الحسين إِلَى الحسن أبي المظفر ووعده بشيء، فكاتب أخاه ففعل، فأرسل أبو المظفر إِلَى ابن بدر أن يخلف الحسين فأجاب وقال: لو أمرتني بلبس السيف والمنطقة لفعلت. ووقف أمر ابن وليد.

ثم ورد عَلَى ابن بدر كتاب الإِخشيد بأن يخلف الحسين بن عيسى فشق ذَلِكَ عَلَى ابن وليد واعتل حَتَّى أشرف عَلَى الموت، فدار بَيْنَ العامة: عبد الله بن وليد - أبرد من حديد. عبد الله بتن وليد - هو ذا يموت شهيد. فِي كلام ساقط يشبه ذَلِكَ.

قال ابن زولاق: وعدّل ابن بدر فِي هَذِهِ الولاية جماعة، فذكر لي ابن الحسين بن علي الدقاق أن ابن بدر قال لَهُ: مَا ترى فِي قبول شهادة ابن يحيى الصيرفي؟ قال: فقلت لَهُ: مَا رأى بأساً إِلاَّ أتي سمعته يقول: إن طُغْجاً أودع بدراً ستين ألف دينار ومات وهي عنده. فقال لي: هَذَا رجل سوء. فلما أصبح ابن بدر أرسل إليَّ وكالةً فشهِدن فِيهَا وغدوت عَلَيْهِ فأدّيتها فقبل شهادتي.

فلما كَانَ سلخ صفر وافي ابن زَبْر، فأقام أياماً، ثُمَّ ولاه الإِخشيد خلافة عن ابن أبي الشوارب أيضاً، فتسلم من ابن بدر فكانت ولاية ابن بدر هَذِهِ سنة وشهرين،

<<  <   >  >>