للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

وقال عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكَم: أخبرني بعض مشايخنا أن رجلاً لقي المُفضّل بن فَضالة بعد أن عُزِل عنِ القضاءَ فقال لَهُ: حَسِيبُك الله قضيتَ عليَّ بالباطل وفعلتَ وفعلتَ فقال لَهُ المُفضَّل: لكنَّ الَّذِي قضينا لَهُ يُطيّب الثناءَ.

وقال أبو زُرارة القِتْبَانِيّ: كَانَ المُفضَّل يجلس فِي مسجده يقضي بَيْنَ الناس فيمر بِهِ عبد الله بن عياش بن عَبّاس القِتْبَانِيّ فيقول: إذَا رأى اجتماع الناس عَلَيْهِ: أهذا الثور يُحسن القضاء!. ويضرب بإحدى يديه عَلَى الأخرى.

وقال أحمد بن يحيى بن وزير: كَانَ المُفَضَّل أول من طوّل السِّجلاّت ونسخ فِيهَا كتب الأحباس والوصايا والديون.

وقال يحيى بن بكير: كَانَ إسحاق بن معاذ بن مجاهد شاعراً، فخاصم إِلَى المُفضّل، وَكَانَ قَدْ هجا المُفضَّل، فأدخل يده إِلَى كُمّه ليخرج قصتهُ فأخرج الهجو فدفعه إِلَيْهِ وهو:

خَفِ اللهَ واسْمَعْ مِنْ مَقَالِي مُفضَّل ... فإنَّكَ عن فَصْلِ الْقَضَاءِ سَتُسْألُ

وَقَدْ قَالَ أقْوامٌ عَجِبْتُ لِقَوْلِهِمْ ... أَقَاضٍ لَهُ شَعْرٌ طَوِيلٌ مُرَجَّلُ

فرمى المُفَضَّل بالرقعة وقال: قم لا حَيّاك الله.

وكان إسحاق قَدْ مدح المفضل قبل ذَلِكَ بأبيات عَلَى هَذِهِ الروى ثُمَّ هجاه بهذه وهي طويلة يقول فِيهَا:

أَفِي الْعدْلِ أن أقصى وأخرج متعباً ... وتدنى بلطف منك خصمي ويدخل

وتقبل منه فِي مَغِيبي شُهُودُهُ ... وَبَيِّنَتِي ليست إذَا غَابَ تُقْبَلُ

وقال يحيى بن عثمان عن صالح بن أبيه: لَمْ يكن يتبع القاضي فيما مضى غير كاتبه ومن يقوم بَيْنَ يديه فِي مجلس الحُكم حَتَّى كَانَ المفضّل فِي ولايته الثانية فإنه رسم أقواماً بالشهادة فكانوا عشرة رجال فرأى الناس أن قَدْ أتى أمراً عظيماً.

<<  <   >  >>