ولم أَرَ فِي شيء من طُرقه عن مالك لفظ " قبري " إِلاَّ من رواية هارون هَذَا. والكل قالوا:" بيتي ".
وقال الزُّبير بن بكّار: كَانَ هارون من كبار الفقهاء، وَكَانَ يقوم بنصرة قول أهل المدينة، سمعتُ منه بمكة وَكَانَ سكنها. وَلَهُ رواية عن مالك. وقال لي ابن عبد الحَكَم: لقيته وَكَانَ من أهل الأدب الواسع.
وقال الحميدي: كَانَ محموداً فِي قضائه عفيفاً، وأول شيء وليه قضاء المصيصة ولاّه المأمون، ثُمَّ ولاّه الرّقة ثُمَّ ولاّه قضاء عسكر المهدي ثُمَّ ولاّه قضاء مصر وشَافَهه بذلك. فأول مَا دخلها كَانَ فِي النصف من رمضان سنة سبع عشرة ومائتين.
قال يحيى بن عثمان: قدم فجلس فِي المسجد الجامع وَكَانَ فِي الشتاء فجلس فِي مقدَّم المسجد وأسندَ ظهره إِلَى القبلة بجدار المسجد ومنع المصلين أن يقربوا منه، وباعد كتّابه والخصوم، فكان أول من فعل ذَلِكَ، وَكَانَ يجلس فِي الصيف فِي صحن المسجد ويسند ظهره للحائط الغربي.
وقال يحيى بن عثمان: لما قدم هارون لَمْ يبقَ شيء من أمور القضاء حَتَّى باشره بنفسه وحضره، وَلَمْ يبق حُبْس يتولاه القاضي حَتَّى وقف عَلَيْهِ وعرف وجوه متحصله وغلته وأحاط عِلماً بأموال اليتامى وحاسَب عَلَيْهَا بنفسه. وضرب رجلاً كَانَ فِي حِجره يتيم فرأى فِي أمر اليتيم بعض الخلل فضربه وطوّف بِهِ وحمل أموال الغائبين ومَن لا وارث لَهُ إِلَى بيت المال.
وكان صليباً فِي الأحكام، قوي النفس، وَكَانَتْ العادة الجارية أن للخليفة فِي كل