المجالسة، قدم إلى مصر قديماً، فحدث بكتاب ابن قتيبة عنه في جملة ما حدث به. ثم سافر إلى أسوان قاضياً، فأقام بها طويلاً. فلما ولي ابن قتيبة القضاء، كتب إليه أبو الذكر، وإني خاطبت القاضي، فوعدني بإنفاذ العهد إليك. ثم بلغه أنك حدثت بكتب أبيه عنه. فقال: أنا أعرف كل من كتب عن أبي، فليذكر لي علامة أعرفها. قال: فكتب إليه بعلامات فعرفها. قال ابن مروان: سخّمت وجه فيها. قال: فكتب إلي ما عرفتك فاعذرني، وأسند له العهد.
وكان من جملة كتاب ابن مروان:(أعرفه في حياة أبيه صبياً، ويمشي حافياً، ويلعب بالحمام مع العيارين) .
فباشر ابن قتيبة القضاء ثلاثة أشهر، وقيل أربعة وسبعين يوماً. ثم صرف بعزل ابن أبي الشوارب، وأعيد أبو عثمان بن حماد. وعاش ابن قتيبة بعد ذلك حتى توفي بمصر في شهر ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين وثلاثمائة. وأرخه مسلمة بن قاسم في سابع الشهر المذكور. وفيها أرخه ابن يونس. لكن وقع في كلامه أنه مات وهو قاض. وقول ابن زولاق أولى.
وقال ابن زولاق في سيرة جوهر: دخل أبو أحمد عبد الواحد بن أحمد بن عبد الله بن قتيبة على جوهر، فقال: أنا وليد ابن قتيبة. فأجابه وهو واقف بين يديه، أي شيء يكون المصنِّف منك؟ قال جدي. قال كم كتبه؟ قال: واحد وعشرون كتاباً. فقال جوهر: أو أكثر بقليل، وأمره بالجلوس. ثم التفت إلى الحاضرين فقال: كان أبو جعفر البغدادي، كتَب كُتُب ابن قتيبة، وكان يفتخر بها. فورد على المهدي الخبرُ أن ابن قتيبة ولي قضاء مصر، فقال لأبي جعفر: يهنيك قد ولي ابن أستاذك القضاء فقال: ما يجيء منه شيء. فما كان إلا بعد مدة يسيرة، حتى جاء الخبر بأنه صرف بعد ثلاثة أشهر. فقال أبو جعفر: ألم أقل لك يا أمير المؤمنين؟ وهذا هو المعتمد في مدة ولايته.
وأما أبو سعيد بن يونس فقال: قدم مصر على القضاء في سنة إحدى وعشرين ومات بمصر، وهو على القضاء، في ربيع الأول سنة اثنتين وعشرين.
ويمكن الجمع بأنه وُلي في ذي الحجة مثلاً، فكانت مدته إلى أن مات ثلاثة أشهر أو تزيد أياماً قلائل.