متصفة بصفة السعادة، وإن كانت الثانية قلنا: سعيد إسم فارغ بلا مسمى وذات بلا صفة لأنه شقى، فأسماء اللَّه عند السلف أسماء على مسمى فهو الغنى ويتصف بالغنى لا الفقر، وهو القوى يتصف بصفة القوة لا الضعف، وهو السميع يتصف بصفة السمع تعالى اللَّه عن ضدها، وهكذا فى سائر الأسماء والصفات ولهذا كانت أسماؤه حسنى وعظمى ولا تكون حسنى وعظمى بغير ذلك، قال تعالى فى سورة الأعراف: {وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا (١٨٠) } فدعاء اللَّه بها أن يقول الفقير: ياغنى اغننى بفضلك عمن سواك ولولا يقين الداعى الفقير أنه سبحانه غنى ولا نظير له فى غناه ما دعاه، وأن يقول الضعيف: ياقوى قونى، فلولا يقينه أنه سبحانه لا شبيه له فى قوته ما دعاه، وهكذا يعلم أصحاب الفطرة السليمة فطرة التوحيد أن اللَّه يجيب المضطر إذا دعاه ويكشف السوء بسسب العظمة فى أوصافه كما قال فى سورة النمل: {أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الأَرْضِ أَءلَهٌ مَعَ اللَّه قَلِيلا مَا تَذَكَّرُونَ (٦٢) } فعلم العقلاء أنه لا يجيب المضطر إذا دعاه وهو عاجز لا صفة له مطلقا، فمن يجير أهل الاعتزال إذا كان معبودهم بلا صفة عندهم وأسماؤه فارغة بلا مسمى.
وهذا المذهب الخبيث يترتب عليه أن قوله تعالى:{ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها} لا قيمة له عندهم وكذلك تعداد الأسماء الحسنى فى قوله صلى الله عليه وسلم: (إِنَّ لِلَّهِ تِسْعَةً وَتِسْعِينَ اسْمًا مِائَةً إِلا وَاحِدًا مَنْ أَحْصَاهَا دَخَلَ الْجَنَّةَ)(١) لأن تعدد الأسماء الحسنى أو الدعاء بها مبنى على إثبات الصفات التى تضمنتها الأسماء وأى نقص فى حق اللَّه أعظم من أن يكون اللَّه عز وجل لا صفة له عند المعتزلة تعالى اللَّه عن
(١) صحيح، أخرجه البخارى فى كتاب الشروط برقم (٢٧٣٦) .