قولهم علوا كبيرا، إن الواحد منا لا يقبل هذا على نفسه، فلو قال لك قائل: أنت لا صفة لك عندى، ربما خاصمته دهرا، لأن الفطرة مجبولة على إثبات الأوصاف الحميدة، فمن العجب أن يثبتوا لأنفسهم أجود الأوصاف، وينفون عن الله الذى ليس كمثله شئ سائر أوصاف الكمال، ومن ثم لابد من الإيمان بصفات اللَّه كالإيمان بوجود ذاته، فالقول فى الذات كالقول فى الصفات سواء بسواء.
٢- الأشعرية: ويجب على المسلم أيضا أن يحترز بالقاعة الرابعة من بدع الأشعرية حيث ابتدعوا تقسيما عجيبا فى صفات اللَّه على أهوائهم، فقالوا: الوجود صفة نفسية والقدم والبقاء والمخالفة للحوادث والقيام بالنفس والوحدانية صفات سلبية، والقدرة والإرادة والعلم والحياة والكلام والسمع والبصر صفات معانى أو معنوية، وبقية الصفات الواردة فى القرآن والسنة خبرية تدل على التشبيه وظاهرها غير مراد لأنه باطل قبيح لا يثبته العقل، حتى قال قائلهم كما سبق:
وكل نص أوهم التشبيه: أوِّله أو فوِّض ورم تنزيها.
ولو سألناهم: لم أثبتم قدرته سبحانه وإرادته وعلمه وحياته وكلامه وسمعه وبصره مع أنها وردت فى الكتاب والسنة ونفيتم صفة المحبة والرضى والغضب والاستواء والعلو والمجئ وسائر الصفات الخبرية مع أنها أيضا وردت فى الكتاب والسنة؟ قالوا: لأن الصفات التى أثبتناها لا تدل على التشبيه، أما الصفات التى نفيناها تدل على التشبيه، فيقال لهم: العقلاء لا يقرون هذا، فالقول فى الصفات كالقول فى بعض، فإما أن تقولوا بالتمثيل الباطل فى الذات وجميع الصفات كما فعل الممثل وقال: إرادة اللَّه مثل إرادة المخلوق، ومحبته ورضاه وغضبه واستواءه وعلوه