فإن المشتري الحقيقي ما لجأ إلى المصرف إلا من أجل المال، والمصرف لم يشتر هذه السلعة الا بقصد أن يبيعها بأجل إلى المشتري، وليس له قصد في شرائها.
ونقول: إن هذا الكلام ليس صحيحا في تصوير الواقع. فالمصرف يشتري حقيقة ولكنه يشتري ليبيع لغيره، كما يفعل أي تاجر وليس من ضرورة الشراء الحلال أن يشتري المرء للإنتفاع أو القنية أو الاستهلاك الشخصي، والعميل الذي طلب من المصرف الإسلامي ان يشتري له السلعة يريد شراءها حقيقة لا صورة ولا حيلة، كالطبيب الذي ذكرنا أنه يريد شراء اجهزة، ولجوء مثله إلى المصرف الإسلامي ليشتري له السلعة المقصودة له أمر منطقي، لأن مهمة المصرف أن يقدم الخدمة والمساعدة للمتعاملين معه. ومن ذلك أن يشتري لهم السلعة بما يملك من ماله وبيعها لهم بربح مقبول، نقداً أو لأجل، وأخذ الربح المعتاد على السلعة لا يجعلها حراماً، وبيعها إلى المشتري بأجل لا يجعلها أيضا حراماً. المهم أن هنا قصداً إلى بيع وشراء حقيقيين، لا صوريين، وليس المقصود الاحتيال لأخذ النقود بالربا.
والقول بأن هذه العملية هي نفس ما يجري في البنوك الربوية وإنما تغيرت الصورة فقط، قول غير صحيح، فالواقع أن الصورة والحقيقة تغيرتا كلتاهما فقد تحولت من استقراض بالربا إلى بيع وشراء وما أبعد الفرق بين الاثنين! وقد حاول اليهود قديما أن يستغلوا المشابهة بين البيع والربا ليصلوا منها إلى إباحة الربا فرد الله تعالى عليهم رداً حاسماً بقوله {ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا}.