ولدٍ لها أصيبت به وأنها توقت الدنو من زوجها خوفا من أن ترزق ولدا تبلى فيه بمثل بلائها. ومن أجل أن وجود المحبوب موافق ملائم للطبيعة وفقده مخالف منافر لها صارت تحس من ألم فقد المحبوب ما لا تحس من لذة وجوده. ولذلك صار الإنسان يكون صحيحا مدة طويلة فلا يحس لصحته بلذة، فإن اعتل بعض أعضائه أحس على المكان فيه بألم شديد. وكذلك تصير المحبوبات كلها عند الإنسان - إذا وجدها أو طالت صحبتها له - في سقوط لذة وجودها عنه ما دامت موجودة له وحصول شدة ألم فقدها عليه إذا فقدها ومن أجل هذا لو أن رجلا استمتع دهرا طويلا بأهل وولد ثم بلى بفقدهما لأحس من التألم في يوم واحد وساعة واحدة ما يفضل ويأتي على لذة إمتاعه كان بهما. وذلك أن الطبيعة تحسب وتعد ذلك الاستمتاع الطويل كله حقا واجبا لها، بل تعده دون حقها. وذلك أنها لا تخلو في تلك الخالة أيضا من استقلال ما هي فيه الزيادة منه دائما بلا نهاية حبا منها للذة واشتياقا إليها. وإذا كان الأمر على هذا - أعني أن يكون التلذذ والاستمتاع بالمحبوبات في حال وجودها معوزا منطمسا مستقلا مغفلا، والحزن والتحرق والتلظي عند فقدها متبينا مستكثرا مؤلما متلفا - فما الرأي إلا طرحها بتت أو الاستقلال منها لتعدم أو تقل عواقبها الرديئة الجالبة للغموم المؤذية المضنية. فهذه أعلى المراتب في هذا الباب وأحمسها لمواد الغموم. ويتلوه في ذلك أن يتمثل الرجل ويتصور فقد محبوباته ويقيمها في نفسه ووهمه ويعلم أنها ليس مما يمكن