للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>

لأنه هو المتسبب، وليس للإنسان أن يسعى لإسقاط التكاليف، ولذا لو سافر شخص من أجل أن يفطر في رمضان، السفر عذر شرعي، لكن لو سافر من أجل أن يسقط التكليف ما عذر ولا جاز له الفطور، لا يجوز له الإفطار في مثل هذه الصورة، فإذا كان زوال العقل بسببه فإنه حينئذٍ لا يصرف عنه التكليف، ويطالب بكل ما ترك، وتقام عليه الحدود إذا ارتكب ما يقتضي الحد، إذا زنا السكران، قتل السكران، سرق السكران، وهكذا.

ومن أهل العلم من يقول: إن عليه إثم الشرب وليس عليه ما يطالب به العقلاء؛ لأنه في هذه الحالة ليس بعاقل والعقل مناط التكليف.

لكن لا شك أن مطالبته بجميع آثار فعله يردعه عن الإقدام على هذا الفعل، أما بالنسبة لما يتعلق بحقوق الآدميين فهو محل اتفاق مطالب بذلك، وهذا ليس من باب الحكم التكليفي، ليس من باب الحكم التكليفي، إنما هو من باب ربط الأسباب بالمسببات كالصبي والمجنون.

إذا أتلف السكران يلزم بما أتلف، لكن إذا وقع منه ما يوجب الحد فهو محل الخلاف، وفي قصة ماعز: النبي -عليه الصلاة والسلام- قال: ((أشربت خمراً؟ استنكهوه)).

على كل حال المسألة خلافية ومعاقبته قال بها جمع من الصحابة -ترتيب جميع الآثار المترتبة على سكره- قال به جمع من الصحابة؛ ردعاً له، ولئلا يتخذ ذلك وسيلة إلى إسقاط التكاليف.

المسألة الأخيرة نعم.

والكفار مخاطبون بفروع الشرائع، وبما لا تصح إلا به وهو الإسلام؛ لقوله تعالى: {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ* قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ} [(٤٢ - ٤٣) سورة المدثر]، والأمر بالشيء نهي عن ضده، والنهي عن الشيء أمر بضده.

مسألة مخاطبة الكفار بفروع الشرائع وبما لا تصح إلا به -وهو الإسلام- القول بذلك هو الذي جرى عليه المصنف وهو قول جمهور أهل العلم، الكفار مخاطبون بفروع الشريعة وبما لا يتم به ذلك، ما لا يتم إلا به هو الإسلام والإيمان؛ لأن الإسلام والإيمان شرط لصحة هذه الأعمال، فالجمهور على أنهم مخاطبون بالفروع.

<<  <  ج: ص:  >  >>