قال في قرة العين:"النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار"، هناك في الأمر قلنا: لا يقتضي الفورية ولا التكرار، وهنا يقول:"النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار، فيجب الانتهاء في الحال، واستمرار الكف في جميع الأزمان؛ لأن الترك المطلق إنما يصدق بذلك".
إذا قال .. ، في قوله -عز وجل-: {وَلاَ تَقْرَبُواْ الزِّنَى}[٣٢) سورة الإسراء]. نهي، شخص يقول: هو يريد أن يمارس هذه الجريمة مع نهي الله -عز وجل- وقبل أن يموت يتوب؟ يكف؟
نقول: لا؛ النهي للفور؛ ((ما نهيتكم عنه فاجتنبوه))، ما في مثنوية، الأمر أخف، ((إذا أمرتكم بشيء فأتوا منه ما استطعتم))، أما ((إذا نهيتكم عن شيءٍ فاجتنبوه))؛ مادة محسومة.
ولذا يقرر أهل العلم أن درء المفاسد مقدم على جلب المصالح، والحظر مقدم على الإباحة كما هو معروف.
يقول:"النهي المطلق مقتضٍ للفور والتكرار فيجب الانتهاء في الحال، واستمرار الكف في جميع الأزمان؛ لأن الترك المطلق إنما يصدق بذلك": الذي يزاول في وقت السعة ويقول: إذا ضاق الوقت تركت، من له ببلوغ ذلك الوقت؟
إذا قال هو: من تاب تاب الله عليه، والعبرة بالخواتيم، وأنا الآن ما زلت في طور الشباب، من يؤمنك حتى تبلغ الحد الذي حددته والأجل الذي أجّلته لنفسك؟ من يؤمنك؟ وقد تبلغ الأجل، تؤمل أن تعيش مائة فتعيش مائة، لكن من يضمن لك أن توفق للتوبة؟!
ولذا كثير من الناس يعتمد على نصوص الوعد، وعلى بعض النصوص مع أنه يعمى عن غيرها، ((من توضأ نحو وضوئي هذا وقال بعد ذلك: أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله دخل من أي أبواب الجنة الثمانية، وفتحت له أبواب الجنة))، وفي الحديث:((ولا تغتروا)): يعني يقول: ما دام الأبواب تفتح سهل لمن يقول هذا الكلام اليسير، ويفعل ما يشاء من المنكرات، من يضمن لك أن توفق في مثل هذا؟؟
((من ضمن لي ما بين لحييه وما بين رجليه ضمنت له الجنة)): قد يقول الإنسان: أنا لن أتكلم إلا بخير، وأضمن ما بين رجلي وما عدا ذلك من المعاصي الجنة مضمونة.