نقول لا؛ لن توفق لضمان ما بين لحييك وما بين رجليك وأنت لم تأتمر بأوامر الله وتعظم شعائر الله، وتأتي بجميع ما أمرك الله به، وتندم على ما فرط منك من مخالفات.
قوله: ويدل على فساد المنهي عنه: المنهي عنه، النهي -كما عرفنا- هو طلب الكف عن الفعل، وطلب الكف يقتضي أمرين، الأمر الأول: تحريم المنهي عنه؛ لأنه الأصل، النهي إذا تجرد عن القرائن الصارفة فهو للتحريم، يقول الله -جل وعلا-: {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانتَهُوا} [(٧) سورة الحشر]، يقول الإمام الشافعي -رحمة الله عليه-: "أصل النهي من رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أن كل ما نهى عنه فهو محرم، وهذا الأصل مقرر عند أهل العلم، حتى تأتي عنه دلالة تدل على أنه إنما نهي عنه لمعنى غير التحريم.
وهذا معنى قوله: الأمر في النهي أو "الأصل في النهي التحريم إلا إذا وجد ما يصرفه إلى الكراهة"، هذا ما يقتضيه النهي.
والثاني من مقتضيات النهي ما دل عليه قول المؤلف: ويدل على فساد المنهي عنه: وهذا أطلقه المؤلف هكذا بهذه الصيغة: "يدل على فساد المنهي عنه".
النهي عن الشيء إما أن ينهى عنه لذاته، فيدخل في قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد))، أو ينهى عنه لأمرٍ خارج عنه لا لذاته، وهذا الخارج إما أن يكون من شروطه ومستلزماته ومقتضياته، أو جزء لا ينفك عنه، فهذا أيضاً كالنهي عن الشيء لذاته، داخل في كلام المؤلف، أما إذا عاد النهي إلى أمرٍ خارج، ليس من مقتضيات هذا العمل فإنه لا يدل على فساد المنهي عنه، ولذا يقول بعضهم: إذا عاد النهي إلى ذات المنهي عنه أو إلى شرطه فإنه يبطل إضافةً إلى التحريم، فمن سجد لغير الله سجوده باطل؛ لأن السجود ذاته منهي عنه، من استتر بسترة حرير نقول: عاد النهي إلى الشرط فيبطل، من صلى وعليه عمامة حرير أو خاتم ذهب؟ نقول: صلاته صحيحة وإلا باطلة؟
طالب:. . . . . . . . .
صلاته صحيحة وعليه إثم ما ارتكب من المحظور، وإن كان الظاهرية يبطلون مثل هذه الصورة؛ لأنه حينئذٍ يجتمع عندهم المأمور والمحظور في آنٍ واحد.