إذا فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً على سبيل التقرب إلى الله -عز وجل- والطاعة عرفنا أنه يُقتدى به؛ لقول الله -جل وعلا-: {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ}: أما إذا فعل الفعل لا على وجه القربة والطاعة فلا يقتدى به فيه -عليه الصلاة والسلام- على ما سيأتي تفصيله في كلام الشوكاني، وإن عمله ابن عمر رضي الله تعالى عنه.
ابن عمر -رضي الله عنهما- في هذا الباب لم يتابع عليه، على فعله، فعل أفعالاً اقتدى بها في النبي -عليه الصلاة والسلام- وهي مجرد أفعال عادية، يفعله النبي -عليه الصلاة والسلام- لا على سبيل التقرب، وذكر ابن عبد البر وغيره عنه أنه كان يكفكف دابته من أجل أيش؟
طالب:. . . . . . . . .
نعم؛ أن تطأ أقدامها على موطئ أقدام دابة النبي -عليه الصلاة والسلام- هذا من شدة اقتدائه وائتسائه بالنبي -عليه الصلاة والسلام- لكنه لم يوافق على ذلك، لم يوافق على ذلك، أي مكان يبيت فيه أو يجلس فيه النبي -عليه الصلاة والسلام- يذهب إليه ويجلس فيه، وكبار الصحابة -علماؤهم فقهاؤهم سلف الأمة قاطبة- لم يفعلوا مثل هذا الفعل، فدل على أنه ليس بمحلٍ للائتساء ولا للاقتداء.
على كل حال إذا كان فعله -عليه الصلاة والسلام- على سبيل القربة والطاعة -وهو الذي يهمنا- هل اقتداؤنا به على سبيل الوجوب واللزوم، أو على سبيل الاستحباب؟
العلماء اختلفوا في مقتضى الفعل المجرد عن القول، فذهب جمع من أهل العلم إلى أنه يحمل على الوجوب في حقه -صلى الله عليه وسلم- وفي حقنا؛ لأنه الأحوط.
فعل النبي -عليه الصلاة والسلام- فعلاً متقرباً به إلى الله -عز وجل- لا بد أن تفعل، إن لم تفعل أثمت، قالوا: هذا هو الأحوط في حقنا، وبذلك قال مالك وبعض الشافعية ورواية عن الإمام أحمد -رحمه الله تعالى- دليلهم قوله تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ} [(٧) سورة الحشر].