على أن هذا المكلف يسارع ويبادر إلى الامتثال، نعم المسارعة والمبادرة تختلف من شخص إلى آخر؛ شخص من أول ما يسمع يقول: سمعنا وأطعنا، وآخر يتبرم ثم يفعل، وثالث يتبرم ولا يفعل، يعني فرق بين من أمر بذبح ابنه فتله للجبين، أيش معنى تله؟ ما تأخر ولا لحظة، فرد أُمر بذبح ابنه بِكره الفرد الوحيد، فتله للجبين، وأُمَّة بكاملها أمرت بذبح بقرة {فَذَبَحُوهَا وَمَا كَادُواْ يَفْعَلُونَ} [(٧١) سورة البقرة]، يعني فرق بين امتثال وامتثال، يعني الإنسان ينذر هواه تبعاً لما جاء به النبي -عليه الصلاة والسلام-، كل ما جاء عن النبي امتثله، فإذا نقل من حال إلى حال وامتثل بسرعة لا شك أن هذا جاز الامتحان؛ فمن حكم النسخ امتحان المكلفين والنظر في مبادرتهم وسرعة امتثالهم، وجاء مدح نساء الأنصار حينما امتثلن الحجاب بادرن بامتثال الحجاب.
أيضاً هناك رعاية الأصلح للمكلفين، قد يكون هذا الحكم في وقت مناسب، لكنه لا يناسب في وقت ثان، فيراعى الأصلح؛ وهذا من فضل الله -عز وجل- على عباده، ليس واجباً عليه -كما تقوله المعتزلة، - أنه يجب عليه رعاية الأصلح، لا، بل من فضل الله -عز وجل- ورأفته بعباده أنه يراعي مصالحهم، فيوجب عليهم شيئاً في وقت؛ لأنه يناسبهم، في وقت آخر لا يناسبهم هذا الحكم فينسخه.
طيب، قد يقول قائل: جاء في صحيح البخاري في كتاب أحاديث الأنبياء باب في حديث الأبرص والأعمى والأقرع في بني إسرائيل من حديث أبي هريرة –رضي الله عنه- أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إن ثلاثة في بني إسرائيل، أبرص وأقرع وأعمى، بدا لله -عز وجل- أن يبتليهم فبعث إليهم ملكاً ... )) الحديث: في الحديث -وهذا في الصحيح فلا لأحد كلام-: ((بدا لله عز وجل أن يبتليهم))، كيف نجيب عن هذا، ونحن ننفي البداء الذي معناه ظهور ما كان خفياً على الله عز وجل؟ أيش معنى بدا؟
معنى بدا هنا أراد الله -عز وجل- إظهار ما سبق في علمه، يعني مما لم يخفى عليه، وليس المراد به أنه ظهر له ما كان خافياً؛ لأن ذلك كما قدمنا محال في حق الله تعالى.