أنكر اليهود -قاتلهم الله- النسخ وتبعهم طوائف تنتسب إلى الإسلام؛ محتجين بأن النسخ يستلزم البداء، وهو محال على الله عز وجل.
البداء: هو الظهور، مقتضى قولهم: إن الله -سبحانه وتعالى- حينما يغير الحكم الثابت معناه أن الله -سبحانه وتعالى- بدا له، يعني ظهر له أمر كان قد خفي عليه ثم لما بدا له غيره، هذا مقتضى قولهم، قالوا: النسخ يستلزم البداء، مقتضاه أن الله -سبحانه وتعالى- أمر بأمر، ثم ظهر له -بدا له- أن هذا الأمر غير مناسب فغيره، وقولهم باطل من وجوه:
الأول: ما اتفقت عليه جميع الأمم من وقوع النسخ في الشرائع، كل شريعة تنسخ بعض ما شرع في التي قبلها، ومن أظهر ذلك: اتفاق جميع الأمم على نسخ نكاح الأخوات في زمان آدم -عليه السلام- ثم تحريمه في جميع الملل، هل يستطيع أن يقول أحد: إن هذا الحكم ثابت إلى الآن؟ نعم؟
لا يجرؤ، لا يستطيع أحد أن يقول هذا الكلام، كما أنه لا يستطيع أحد أن يقول: إنه محرم في شريعة آدم، هل يستطيع أحد أن يقول: إن هذا محرم في شريعة آدم؟ نعم؟ لا يمكن، ليش، لماذا؟
النسل، يعني لو كان محرماً انقطع النسل، كما أنه لا يستطيع أحد أن يقول: إنه ثابت إلى الآن، هذا دليل ملزم تواطأت عليه جميع الشرائع، جميع الملل.
الثاني: أن اليهود وافقوا على أن شريعتهم نسخت ما قبلها؛ اليهود يزعمون أن شريعة موسى -عليه السلام- نسخت ما قبلها من الشرائع، فإذا جاز ذلك جاز أن ينسخها ما بعدها.
الثالث -الفرق بين النسخ والبداء-: أن البداء هو أن يظهر له ما كان خفياً عليه، في البداء أن يظهر له ما كان خفياً عليه، والنسخ ليس كذلك، النسخ ليس كذلك، لا يلزم أن يكون نسَخَه لخفاء حكمته عليه؛ وإنما نسْخُه لأحد أمرين:
إما امتحان المكلفين بمعرفة مقدار امتثالهم لهذه الأوامر والنواهي، يعني الشخص الذي ينزل عليه الحكم بالوجوب فيمتثل ويفعل، لا شك أن مثل هذا ممتثل، لكن إذا ألف هذا الحكم ووطن نفسه عليه ثم نسخ هذا الحكم إلى شيء أشدَّ مثلاً، ثم امتثل ثانية هذا يدل على أيش؟