له كتاب أشرنا إليه، اسمه إبطال القياس، ومقتضى كلامه النظري في الكتاب وفي المحلى وفي غيره من كتبه أنه لا يقول بالقياس مطلقاً، لكن مع الأسف الشديد أنه ألغى القياس في باب الأحكام والفروع، واستعمله على أوسع نطاق في الأصول، وليته عكس، ليته عكس كما اشرنا، لكن مثل هؤلاء الذين يقولون بهذه القواعد النظرية المطلقة التي لها آثارها أحياناً يحتاجون إليه، أحياناً لا يكون هناك مفر من القياس، فتجده من شعور أو من لا شعور يقتحم هذه الغمرات فيقيس ولو لم يشعر، يعني نظيره كتقرير أهل العلم أنه لا يقاس في العبادات، لا قياس في العبادات، العبادات فيها قياس عند أهل العلم؟
نعم، لا يدخلها القياس؛ لأنها تعبدية، ومع ذلكم إذا نظرنا في كتب الفقه في المذاهب كلها قد نجد قياساً، يحتاج إليه في مناقشة خصم فلا مفر له عنه، فكثير من الذين يقعدون ويميلون ويستروحون إلى أمور تجدهم يخالفونها، وإن كان عاد ليس هو الغالب قليل، إنما المخالفة توجد.
الثالث: قياس الشبه وهو الفرع المتردد بين أصلين، هنا يقول: قياس الشبه: هو الفرع المتردد بين أصلين فيلحق بأكثرهما شبهاً: يعني يوجد فرع لا حكم له في الشرع -لم ينص عليه- وهناك أصل يشبه، يشبهه هذا الفرع من وجه له حكم شرعي، وهناك أيضا أصل آخر يشبهه هذا الفرع له حكم شرعي، فيتردد الفرع بين هذين الأصلين، وحينئذ قد تحصل الحيرة وقد لا تحصل حيرة، إذا ترجح أحدهما أمر سهل، يعني أشبه هذا الأصل من وجه، وأشبه الأصل الثاني من وجهين، فنلحقه بأكثرهما شبهاً.
أشبه هذا الأصل بثلاثة أوجه من أوجه الشبه ووجه الشبه الثاني -الأصل الثاني- من خمسة أوجه فنلحقه بأكثرهما شبهاً.