ابن قدامة في الروضة يقول: اختلف في تفسيره ثم في أنه حجة، فأما تفسيره فقال القاضي يعقوب: هو أن يتردد الفرع بين أصلين حاضر ومبيح، ويكون شبهه بأحدهما أكثر، نحو أن يشبه المبيح في ثلاثة أوصاف، ويشبه الحاضر في أربعة فنلحقه بأشبههما به -يعني بأكثرهما شبهاً به- ومثاله: تردد العبد بين الحر وبين البهيمة، العبد يقرر أهل العلم أنه لا يملك بالتمليك، وقال بعضهم بأنه يملك، فمن قال: لا يملك، قال: هو يشبه البهيمة من وجوه كثيرة، ومن قال: يملك، قال: هو يشبه الحر ولو من وجه، التكليف على أقل الأحوال، وتحمل المسؤولية، ينكح ويطلق، فهو مشبه للحر.
أذِّن ونكمل، أذِّن.
ما زلنا يا إخوان في قياس الشبه الذي مُثِّل له بالرقيق، وهو مشبه للحر من وجوه، ومشبه للبهيمة من وجوه، فإذا جنى هذا الرقيق جناية، هل تكون جنايته ملحقة بجناية البهيمة، أو تكون جناية ملحقة بجناية الحر؛ لأن له إرادة كالحر؟ أو نقول: لأنه لا يملك كالبهيمة، وأيضاً في ملكه خلاف، تبعاً لتردده بين هذين الأصلين؟
فمن وجوه شبهه يقول: مثلوا له بالعبد المتردد بين الحر وبين البهيمة في أنه يملك، وفي ضمان متلفه، فمن لم يملكه قال: حيوان؛ يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه أيش وإرثه يعني يورث كالمال سواء بسواء، أشبه الدابة، يشبه .. ، حيوان يجوز بيعه، ورهنه، وهبته، وإجارته، وإرثه، فهو مشبه للدواب.
ومن يملكه يقول: يملك بالتمليك، قال: يثاب، ويعاقب، وينكح، ويطلق، ويكلف أشبه الحر، فيلحق بما هو أكثر بهما شبهاً.
المذي مشبه فرع متردد بين أصلين، بين البول فيحكم بنجاسته، وبين المني فيحكم بطهارته.
أمثلة هذا النوع من قياس الشبه كثيرة، ولذا اختلف للآن عندنا قياس العلة، العلة موجبة فهو قوي، قياس الدلالة العلة غير موجبة، ولذا يحصل التنازع في بعض المسائل التي يستدل عليها بقياس الدلالة.