للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وعرّف المندوب باعتبار حقيقته بأنه مأمور به، يجوز تركه لا إلى بدل، أو ما طلب فعله لا على سبيل الجزم، وهو مرادف للسنة والمستحب، وهو مأمور به، خلافاً لبعضهم، المندوب مأمور به، خلافاً لبعضهم ممن قال: لو كان مأموراً به لعصى تاركه؛ إذ المعصية مخالفة الأمر كما في قوله تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ} [(٦٣) سورة النور]، هذا تهديد لمخالفي الأمر، فدل على أن مخالف المندوب حيث لم يدخل في هذا الوعيد أنه ليس بأمر ولا مأمور به، وفي الحديث الصحيح: ((لولا أن أشقّ على أمتي لأمرتهم بالسواك)) مع أنه مندوب إجماعاً، إذن المندوب ليس بمأمور به، هذا ما قاله بعضهم.

والصواب أنه مأمور به، وهو قول عامة أهل العلم، والمقصود بالأمر في الآية وفي الحديث: أمر الإيجاب لا أمر الاستحباب، أمر الإيجاب لا أمر الاستحباب، فأمر الاستحباب أمر لكنه لم يتوعّد على تركه، وهذا يدل على أن الأمر في الأصل الوجوب، أن الأمر في الأصل للوجوب، ولا يصرف عنه إلا بصارف، بدليلٍ شرعي.

يقول الناظم:

والندب ما في فعله الثواب ... ولم يكن في تركه عقاب

ثم قال المصنف -رحمه الله تعالى-:

والمباح ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: المباح في اللغة الموسع فيه، ويسمى طلق، يعني مطلق من غير تقييد لا بأمر إيجاب ولا بأمر ترك وكف، فهو مأذون فيه، وتعريفه عند المؤلف كسابقيه بلازمه: ما لا يثاب على فعله ولا يعاقب على تركه: وحقيقته وماهيته: ما خيّر المكلف بين فعله وتركه لذاته، فلم يقصد الشارع أن يفعله المكلف، ولم يقصد أن يكفّ عنه لذاته، لا باعتبارٍ آخر؛ لأنه قد يكون الفعل هذا في الأصل مباح، لكنه لذاته، أما إذا نظرنا إليه باعتبارٍ آخر فقد يكون حراماً وقد يكون واجباً، يكون واجباً متى؟

<<  <  ج: ص:  >  >>