أما ما يراد إثباته، فإن ثبت الدليل المثبت في حق النبي -عليه الصلاة والسلام- فالأصل الاقتداء والائتساء، إن لم يرد دليل من فعله، وقد ورد دليل من قوله عملنا بالدليل القولي؛ لأنه أعم، والفعل لا عموم له.
لو قال قائل: إن العمرة في رمضان ليست بمشروعة؛ بدليل أن النبي -عليه الصلاة والسلام- لم يعتمر في رمضان، نعم، ماذا نقول؟
نقول: النبي -عليه الصلاة والسلام- حث على العمرة في رمضان، وقال:((إنها تعدل حجة))، كونه ما اعتمر لعارض رحمة بأمته، شفقة عليها، عدم تمكنه -عليه الصلاة والسلام- من ذلك، شيء آخر، لكن الدليل القولي يتناول النبي -عليه الصلاة والسلام- ويتناول الأمة، لكن كونه ما فعل لا يعني أنه ليس بمشروع.
صوم عشر ذي الحجة: بعض من كتب يقول: هذا من الأخطاء، من أخطاء الناس في عشر ذي الحجة الصيام؛ لأنه ثبت من حديث عائشة -رضي الله تعالى عنها- أن النبي -عليه الصلاة والسلام- ما كان يصوم العشر، نقول: أيضاً ثبت من حديث بعض أزواجه -عليه الصلاة والسلام- أنه كان يصوم تسع ذي الحجة، فإذا اعتضد هذا بالحث على العمل الصالح في هذه الأيام، ((ما من أيام العمل الصالح فيهن خير وأحب إلى الله من هذه الأيام العشر))، وثبت أيضاً: أن الصيام من أفضل الأعمال؛ ((من صام يوماً في سبيل الله باعد الله وجهه عن النار سبعين خريفاً))، إذا انظم هذا إلى هذا قلنا: إن صيام تسع ذي الحجة مشروع، بل من أفضل الأعمال؛ لأنه عمل فاضل، عمل صالح، ((ما من أيام العمل الصالح))، وهذا عمل صالح، كونه -عليه الصلاة والسلام- ما صام كما في حديث عائشة، أو صام في حديث بعض أزواجه -عليه الصلاة والسلام-، كونه ما صام لا يعني أنه أن الصيام غير مشروع، مثل كونه لم يعتمر في رمضان، إذن هذه أمور واضحة.
منهم من يقول: إن الاستصحاب يصلح أن يكون مرجحاً يرجح به إذا تكافأت الأدلة في مسألة ما، فيستصحب الأصل، يعني وجدنا أدلة تدل على المنع، وأدلة تدل على الإباحة، نرجح بالاستصحاب؛ لأن الأصل أنه دليل وإن كان مختلفاً فيه، فهو من ضمن ما يدعم القول بالإباحة، قال به قوم.
ومنهم من عكس، من قال: يرجح الناقل عن الأصل، يرجح الناقل عن الأصل، ليش يرجح الناقل عن الأصل؟