يقول: ومعرفة الرجال، عارفاً بما يحتاج إليه في استنباط الأحكام من النحو واللغة ومعرفة الرجال، معرفة رجال الحديث من ناحية الجرح والتعديل، ومعرفة قواعد الجرح والتعديل، وكيف يعمل عند تعارض الجرح والتعديل، لا بد من معرفة ذلك لماذا؟ ليتأهل للنظر في الأسانيد، ليتمكن من التصحيح والتضعيف، ليبني فتواه على خبر ثابت، ولا يستدل بحديث لم يثبت، كما هو شأن كثير من الفقهاء، لكن المجتهد شأنه أعظم وأشد، وليس المراد حفظ كتب الرجال –مثلاً- والله يشترط لك أن تحفظ الجرح والتعديل، والثقات والضعفاء، والكمال، وتهذيب الكمال، هذه ينتهي العمر وما حفظت كتاباً واحداً، نعم، لكن المقصود أن تكون لديك الأهلية، تحسن التعامل مع هذه الكتب، وترجع إليها بأخصر طريق، وتنظر ما قيل في الراوي من جرح وتعديل، تستطيع أن توازن بواسطة معرفة القواعد التي قعدها أهل العلم للتعارض والترجيح، ثم بعد ذلك تخرج بنتيجة، مع أن هذا أمر في غاية الصعوبة، نعم، هو سهل إذا نظرنا إليه بمفردات هؤلاء الرواة، لكن المسألة مفترضة في من؟ في شخص مجتهد، يجتهد في جميع ما يسأل عنه من أحكام، كل مسألة عليه أن ينظر في أقوال أهل العلم، في الخلاف والإجماع، ثم ينظر في أدلة كل قول، ثم ينظر في ثبوت كل دليل، وكل دليل ينظر في إسناده وطرقه ومتابعاته وشواهده، والعمر وين؟ ولذلك تجد كثير من الناس .. ، أما الاجتهاد المطلق -بمعنى الإطلاق بهذا اللفظ بمعنى الإطلاق- فهو نادر، أيش معنى، معنى الإطلاق؟ معناه أنك تجتهد في كل مسألة من مسائل الدين، في كل نازلة من النوازل، تنظر فيها من جميع وجوهها، أقوال العلماء فيها، أدلة هذه الأقوال، النظر في كل دليل، وكل دليل النظر في جميع رواته، وكل راو النظر في جميع .. ، كل ما قيل فيه جرحاً وتعديلاً، ثم بعد ذلك تستخلص النتيجة بالنسبة لهذا الراوي، ثم الراوي الذي يليه، ثم الذي يليه، ثم الذي يليه، وتنظر في الطبقات، لتنظر هل يتمكن هذا من سماع هذا أم لم يتمكن، ثم بعد ذلك تخرج بنتيجة حديث واحد يوم مثلاً، الحديث الثاني وين العمر الذي بيستوعب هذه الأمور.