فنصوص الكتاب والسنة ما جاء عن الله -عز وجل- وعن رسوله -عليه الصلاة والسلام- هذه أصول يحتج بها، ولا يحتج لها، أما ما جاء عن غيرهما فإنه مما يحتج له ولا يحتج به.
فالصواب أن قول النبي -عليه الصلاة والسلام- حجة يحتج به ولا يحتج له، ولذا قال المصنف الجويني في البرهان: وذهب بعضهم إلى أن التقليد قبول قول القائل بلا حجة، ومن سلك هذا المسلك منع أن يكون قبول قول النبي -عليه الصلاة والسلام- تقليداً؛ فإنه حجة بنفسه، حجة بنفسه.
ومنهم من قال: كلام المؤلف، ومنهم من قال: التقليد قبول قول القائل وأنت لا تدري من أين قاله: أي لا تعرف معتمده ومأخذه والأصل الذي اعتمد عليه، فإن قلنا يقول: المؤلف: فإن قلنا: إن النبي -عليه الصلاة والسلام- كان يقول بالقياس: يعني يجتهد إن كان النبي -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد، إن كان الرسول -عليه الصلاة والسلام- له أن يأخذ بالقياس ويجتهد، فإن قبول قوله يسمى تقليداً، وإن كان لا يجوز له أن يجتهد، وإنما جميع ما يصدر عنه إنما هو توقيف من الله -عز وجل- بدليل آية النجم، {وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى* إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى} [(٣ - ٤) سورة النجم]، يعني ما ينطق، جميع ما ينطق لا يكون عن هوى، {إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى}، فهذه الآية تمنع اجتهاد النبي -عليه الصلاة والسلام- وبها يستدل من يقول بأنه ليس له أن يجتهد.
لكن الواقع يدل على أن النبي -عليه الصلاة والسلام- اجتهد في مسائل، وأقر على كثير منها، ولم يقر على بعضها، اجتهد -عليه الصلاة والسلام- في أسرى بدر، ولم يقر على اجتهاده، فدل على أنه -عليه الصلاة والسلام- له أن يجتهد.
يعني مسألة اجتهاد النبي -عليه الصلاة والسلام- إثباتاً ونفياً، مسألة خلافية بين أهل العلم، الآية تدل على أن جميع ما ينطق به وحي، والواقع يشهد بأنه اجتهد، أقر في جميع اجتهاداته إلا القليل النادر التي لم يقر عليها، كقضية أسرى بدر، وهذه مسألة مشهورة، هذه مسألة .. ، {عَفَا اللهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ} [(٤٣) سورة التوبة]، نعم،