انظروا إلى كلام في الطرف الآخر، إذا قارنا كلام الشوكاني السابق بكلام الصاوي في حاشيته على الجلالين في الجزء الثالث (صفحة ١٠) عند قوله تعالى: {وَلَا تَقُولَنَّ لِشَيْءٍ إِنِّي فَاعِلٌ ذَلِكَ غَدًا إِلَّا أَن يَشَاء اللَّهُ} [(٢٣ - ٢٤) سورة الكهف]، اسمعوا ما يقول، يعني الكلام الذي سمعناه من كلام الشوكاني في غاية القوة في طرف، واسمعوا كلام الصاوي أيش يقول.
يقول: ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق أيش يعني؟ يعني ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، ولا يجوز تقليد ما عدا المذاهب الأربعة، ولو وافق قول الصحابة والحديث الصحيح والآية، فالخارج عن المذاهب الأربعة ضال مضل، وربما أداه ذلك للكفر، يقول: لأن الأخذ بظواهر الكتاب والسنة من أصول الكفر!
يعني هل هذا كلام يقبله عاقل، هل هذا الكلام يقبله عاقل منصف؟ معارك في مسألة الاجتهاد والتقليد، لا نختلف في أن الأصل الكتاب والسنة، لا يختلف على هذا أحد، لكن هل التقليد مذموم وهل الاجتهاد واجب، وهل المطالب بذلك جميع الناس؟ أو المطالب به فئة من الناس.
يعني قبل ربع قرن ثارت ثورة على التقليد وعلى كتب الفقهاء، وعلى أئمة الإسلام ونبذ أقوالهم، والتفقه من الكتاب والسنة مباشرة، هذه دعوى أو دعوة إلى الأخذ بالأصول، والمظنون بمن أطلقها الظن الحسن، وقد ساءه وأهمه وأغمه ما يرد في ثنايا كلام متعصبة المذاهب في المسائل الأصلية والفرعية، ومن ذلكم ما سمعنا من كلام الصاوي.
ظهرت دعوى لنبذ التقليد وعدم النظر في كتب الفقهاء، والتفقه مباشرة من الكتاب ولسنة، دعوة إلى أخذ العلم من معدنة، لكن ينبغي أن يفرق بين الناس، ولا شك أن من تأهل للاستنباط من الكتاب والسنة أنه ليس له أن يقلد أحداً، وإنما عليه أن يجتهد، ولا يجوز له أن يقلد في دينه الرجال؛ لأن المرد عند التنازع إلى الكتاب والسنة، والذي لم يتأهل سواءً كان عامياً أو مبتدئاً في الطلب، ليست لديه الأهلية، وليست لديه الآلة كاملة، مثل هذا فرضه سؤال أهل العلم، وفي حكم سؤال أهل العلم الأخذ من كتبهم، وهذا هو التقليد.