حينما يوجه طالب العلم المبتدئ إلى كتاب فقه من المتون المعتمدة في المذاهب -وكل بحسبه، وما هو بمعتمد في بلده- حينما يقال لطالب العلم المبتدئ: احفظ الزاد، وادرس الزاد، واحضر دروس الزاد، هل معنى هذا أننا نجعل الزاد بمثابة الكتاب والسنة، لا يحيد عنه طالب العلم؟ لا، إنما نجعل مثل هذا الكتاب عناصر بحث، تأتي إلى المسألة الأولى وتتصور هذه المسألة، تفهم هذه المسألة، ثم تستدل لهذه المسألة، تبحث عن دليل لهذه المسألة، من قال بهذا القول؟ من خالف هذا القول؟ ما دليلهم؟ تنظر في الأدلة وترجح وتوازن وتأخذ بالقول الصائب من خلال الدليل، هذا هو الاتباع، هذه طريقة جادة متبعة عند أهل العلم، نعم منهم من يقتصر ويدعو إلى الاقتصار على مرحلة واحدة من المراحل، هذا الزاد، هذا زاد المستقنع احفظه وتصير إماماً، بنقول: ما هو بصحيح، ليس بصحيح، نقول: احفظ الزاد، صح، افهم الزاد، صح، استدل لمسائل الزاد صحيح، اعرف من خالف ومن وافق بالأدلة صحيح، وازن بين الأدلة صحيح، رجح ما يرجحه الدليل صحيح، هو هذا الاتباع، خطة، خطة تسير عليها، ليس معنى هذا أنك كل ما في الزاد صحيح، الزاد على صغر حجمه قد هذا الكتاب، خالف المذهب في اثنتين وثلاثين مسألة، إذن كم خالف القول الصحيح الراجح بدليله؟
أكثر قطعاً، لا نريد من طلاب العلم أن يتعصبوا لشخص، نريد منهم أن يعملوا بالدليل، ونريد منهم أن يسيروا على الطرق والجواد المتعبة عند أهل العلم، الموصلة إلى العلم من أبوابه.