فالمبتدئ لا شك أنه يبي يتعلم، والعلم لا يأتي فجأة، لا يأتي دفعة واحدة، يأتي بالتدريج، وإذا كان هذا الطالب يترجح له في يوم من الأيام في بادئ الأمر قول من خلال النظر في المسألة، وتصور المسألة، والأدلة والموازنة؛ لأنه بهذه الطريقة بيعرف المسألة بأدلتها، وبيشوف دليل المخالف اعتمد على ناسخ، اعتمد على منسوخ، اعتمد على عام، اعتمد على خاص، اعتمد على مطلق، اعتمد على مقيد، وماشي، لكن لما ينظر إلى حديث بمفرده ويعمل به، لا يدري هل هو منسوخ، لا يدري هل هو مقيد، لا يدري هل هو مخصص، لا يدري عن شيء، حتى يأتي الدليل المقيد، أو الدليل المخصص، أو الدليل الناسخ بعد يمكن شهور وأعوام من بداية الطلب.
فأظن الكلام واضح ما فيه لبس، يعني الدعوة التي أثيرت قبل ربع قرن، دعوة محترمة، ولها حظ كبير من النظر، والقائلون بها أهل خير وفضل وصلاح، لكن نختلف معهم في من تلقى إليه هذه الدعوى، فرق بين عامي وشبه عامي من مبتدئ يريد أن يتعلم ويسلك الجادة والطريقة المتبعة، وبين متأهل، المتأهل ليس له أن ينظر في كلام فلان وعلان، إنما يأخذ من الكتاب والسنة، ومع ذلكم عليه –أيضاً- أن ينظر في أقوال الصحابة والتابعين ومن دونهم، ينظر في أقوال فقهاء الأمصار يستدل بها يستنير بها، يستنير بها؛ لئلا يحدث قول يؤديه إليه فهمه لهذا النص وفهم الصحابة على خلافه، ونحن ملزمون بفهم السلف، لا نبتدع فهم يختلف عن فهم السلف.
أظن الكلام واضح، والمقصود منه بيِّن، فنحن ندعو إلى الأخذ بالكتاب والسنة؛ لأنهما هما الأصل، ونقدر ما قاله ابن حزم، وما قاله الشوكاني، وما يرمى به من دعاوى للاعتصام بالكتاب والسنة وهذا الأصل؛ لأن الكتاب والسنة أصل الأصول، لكن يبقى أن هذا يخاطب به المتأهل، وأما بالنسبة للمبتدئ فعلى الطريقة والجادة التي شرحنا وهي جادة مسلوكة عند أهل العلم، نعم يوجد في المذاهب من يعتمد هذا الكتاب دستوراً لا يحيد عنه، هذا خطأ لا يقر، يعني في كل مذهب كتاب معتمد، أيش معنى هذا؟