إن بعض الطلبة يقف إلى هذا الحد، خلاص، يقول: أنا حدي هذا الكتاب ويكفيني هذا الكتاب، ويستمر مقلد، والمقلد يا إخوان ليس من أهل العلم اتفاقاً، كما نقل ذلك ابن عبد البر وغيره، ليس من أهل العلم اتفاقاً المقلد، يعني ما في فرق بين عالم يسمونه عالم –الناس- ويتصدى للقضاء بين الناس وإفتائهم وهو جامد على مذهب، ولو خالفه الدليل لا يتعداه؛ لأنه أخذ العلم من هذا الكتاب الذي لا يتجاوز مائة صفحة، وبين عامي يسأل عالماً فيجيبه بالحكم، وأيش الفرق؟ ما في فرق، إذن كلهم عوام.
العالم هو الذي يعرف الحكم بدليله، وهذا الطالب المبتدئ بالطريقة التي شرحناها -بإذن الله- إذا كانت لديه الأهلية للتحصيل من الفهم والحفظ فإنه لا يستغرق وقتاً طويلاً حتى يسمى عالماً، بس المسألة تحتاج إلى وجود آلة لفهم هذه النصوص، وما يعين على فهم هذه النصوص، ويكون عالماً؛ لأنه ليس بالمستحيل، لكن نحتاج إلى جادة متبعة مسلوكة توصل إلى العلم، ما نحتاج نتخبط، يوم الكتاب هذا، ويوم الكتاب الفلاني، يوم الكتاب العلاني، يوم يروح لزيد من الناس وينصحه بكتاب كذا، اقرأ كتاب كذا، ويمر على ثاني يقول: لا، اترك هذا واقرأ كذا، لا، أنت عندك كتاب في بلدك معتمد، اقرأ في هذا الكتاب، أيش المانع، لكن على الطريقة التي ذكرناها، اجعل مسائل الكتاب عناصر بحث، وحينئذ توفق وتسدد واصدق اللجأ إلى ربك، أن يهديك لما اختلف فيه من الحق بإذنه، وأكثر من الاستغفار وأكثر من الأذكار، واقرأ القرآن بالتدبر على الوجه المأمور به وسوف يوفقك الله -جل وعلا-.
نعم، مسائل الجرح والتعديل باعتبار أن الرواة انتهوا، الرواة يعني عاصرهم من عاش في القرن الثالث والقرن الثاني، والقرن الأول، الأئمة الذين عاصروا الرواة اجتهدوا وكل واحد قيَّم هذا الراوي من وجهة نظره، وعلى ما يدين الله به من أن هذا الراوي يستحق هذه المرتبة، نعم، هذا اجتهاد.