على كل حال هذا الذي يغلب على الظن أنه من التحريش، من التحريش الذي اقتنع به الشيطان في جزيرة العرب، وفي غيرها من بلدان المسلمين هو موجود على كل حال، لكن هذا ابتلاء، وألزم ما على الإنسان نفسه، يحافظ على نفسه، يحافظ على عمله من أن يوزعه بين الناس؛ من الناس من يأتي بأعمال أمثال الجبال، لكن هذا مفلس، ليش؟ يأتي بأعمال أمثال الجبال ويقال: مفلس في عرف الشرع، ليش؟ لأنه يأتي وقد شتم هذا، سب هذا، قدح في هذا، أخذ مال هذا .. ، يعطى هذا من حسناته، وهذا من حسناته، وبعدين؟ تنتهي إذا انتهت ولما تنتهي حقوق الناس يؤخذ من سيئاتهم وتلقى عليه.
المقصود أن على الإنسان أن يحفظ نفسه ويكون كلامه بقدر الحاجة، بقدر الحاجة.
يقول -رحمه الله-: وأما الاجتهاد فهو بذل الوسع في بلوغ الغرض: الاجتهاد لا شك أنه بذل الوسع واستفراغ الجهد في تحمل أمر فيه كلفة ومشقة.
يعني يقال: اجتهد في حمل الرحى؛ لأن فيه مشقة، لكن هل يقال اجتهد في حمل نواة؟ نعم؟ لو شفت شخصاً معه عصا شايله بيده تقول: اجتهد في حمل العصا؟ نعم؟ لا، لكن قول: اجتهد في حمل كيس كبير؛ لأن فيه مشقة.
وعرف الاجتهاد بقوله: بذل الوسع في بلوغ الغرض: أي بذل المجتهد وسعه في البلوغ والوصول إلى الحكم الشرعي المطلوب.
وعرفه في مختصر التحرير بـ"استفراغ الفقيه وسعه لدرك حكم شرعي، لإدراك حكم شرعي.
فالمجتهد -يقول المؤلف-: إن كان كامل الآلة في الاجتهاد: إن كان كامل الآلة في الاجتهاد، هل هذا الكلام له حاجة؟ نقول: هذا تصريح بما هو مجرد توضيح، وإلا فإنه لا يسمى مجتهداً حتى تكتمل فيه الآلة، من معرفة ما تقدم ذكره في شروط المجتهد.
إن اجتهد في الفروع فأصاب فله أجران، يعني له أجر الاجتهاد، وله أجر الإصابة، وإن اجتهد فأخطأ فله أجر الاجتهاد فقط.
ثبت في الصحيحين وغيرهما من حديث عمرو بن العاص، أنه قال، أو أنه سمع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يقول:((إذا حكم الحاكم فاجتهد ثم أصاب فله أجران، وإذا حكم فاجتهد ثم أخطأ فله أجر)).