ومنهم من قال: كل مجتهد في الفروع مصيب، يعني فهما قولان في المسألة، منهم من يقول: المجتهد واحد، والحق واحد لا يتعدد، واحد مجتهد والثاني مخطئ، وكلاهما مأجور، المصيب له أجران، والمخطئ له أجر واحد، والمسألة مفترضة في أيش؟ في مجتهد.
بيهجم غير المجتهد -الطالب المبتدئ- يهجم إلى المسائل العلمية ويقول: أنا لو أخطأت .. ، افرض أني أخطأت لي أجر واحد، نقول: أنت مأزور؛ لأن المسألة مفترضة فيمن تحققت فيه الأهلية؛ لأن هذا ظاهر أنه كله في المجتهد.
القول الثاني: أن كلهم على خير، وكلهم مجتهدون وكلهم مصيبون، يقول ابن العربي: تعلق بهذا الحديث من قال: إن الحق في جهة واحدة، للتصريح بتخطئة واحد لا بعينه قال: وهي نازلة في الخلاف عظيمة.
نازلة، أيش معنى نازلة؟ يعني هل المسألة التي هي الخلاف في كل مجتهد مصيب، أو أن هذه المسألة النازلة العظيمة التي يحتمل فيها أن يجتهد .. ، أن يصيب بعض المجتهدين ويخطئ بعض المجتهدين؟ احتمال.
المازري يقول: تمسك به –يعني الحديث- كل من الطائفتين، من قال أن الحق في طرفين، ومن قال: إن كل مجتهد .. ، من قال: إن الحق في أحد الطرفين، يعني واحد مجتهد مصيب، والثاني مخطئ، ومن قال: كل مجتهد مصيب.
فأما الأولى الطائفة الأولى، أصحاب القول الأول وجه الاستدل، يقول: لو كان كل مصيباً لم يطلق على أحدهما الخطأ؛ لاستحالة النقيضين في حالة واحدة.
الرسول -عليه الصلاة والسلام- أطلق عليه الخطأ، فكيف نقول: هو مصيب؟ كيف يوصف بأنه مصيب ومخطئ في آن واحد؟ هذا اجتماع للنقيضين.
وأما المصوِّبة -الذين يصوبون جميع المجتهدين- فاحتجوا بأنه -صلى الله عليه وسلم- جعل له أجراً، فلو كان لم يصب لم يؤجر.
وأجابوا عن إطلاق الخطأ في الخبر على من ذهل عن النص، أو اجتهد فيما لا يسوغ الاجتهاد فيه من القطعيات فيما خالف الإجماع، فإن مثل هذا إن اتفق له الخطأ فيه نسخ حكمه وفتواه، ولو اجتهد بالإجماع، وهو الذي يصح عليه إطلاق الخطأ، وأما من اجتهد في قضية ليس فيها نص ولا إجماع فلا يطلق عليها الخطأ.