على كل حال في كل علمٍ من العلوم كتب للمبتدئين وأخرى للمتوسطين وثالثة ورابعة وهكذا، سلالم وجواد مطروقة عند أهل العلم، تحتاج إلى شيءٍ من البسط، وقلنا بالنسبة لهذا العلم: إن أولى ما يبدأ به مثل هذا الكتاب الذي هو الورقات، ثم بعد ذلكم إذا أتقنه وضبطه وسمع عليه ما سجل من أشرطة، وقرأ الشروح والحواشي على هذا الكتاب، نعم، ينتقل إلى الكتب التي تلي مثل هذا الكتاب، إما مختصر التحرير أو مختصر الروضة، ثم بعد ذلكم ينظر في المطولات عند الحاجة، ويعتني بمسودة آل تيمية والموافقات للشاطبي وإرشاد الفحول للشوكاني وغيرها من الكتب التي تمتاز بشيءٍ من التحقيق.
الأسئلة كثيرة جداً، والوقت نخشى أن يضيق على شرح الكتاب.
سم
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد: فقد قال إمام الحرمين -رحمه الله-:
والفقه أخص من العلم، والعلم معرفة المعلوم على ما هو به في الواقع، والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو في الواقع.
والعلم الضروري ما لا يقع عن نظر واستدلال، وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال، والنظر: هو الفكر في حال المنظور فيه، والاستدلال: طلب الدليل، والدليل: هو المرشد إلى المطلوب، والظن: تجويز أمرين أحدهما أظهر من الآخر، والشك: تجويز أمرين لا مزية لأحدهما على الآخر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين، يقول المؤلف -رحمه الله تعالى-:
والفقه أخص من العلم: الفقه الذي تقدم تعريفه اصطلاحاً أخص من العلم؛ لأن الفقه معرفة الأحكام الشرعية الفرعية، فهو أخص من العلم، والعلم أعم منه مطلقاً، بينهما عموم وخصوص مطلق، فكل فقه علم وليس كل علم فقهاً؛ لأن العلم يطلق على جميع العلوم.
الفقيه يقال له: عالم، وعالم يعني بالفقه، المفسر يقال له: عالم، لكن لا يقال له: فقيه، المحدث يقال له: عالم، لكن إذا لم تكن به دراية لا يقال له: فقيه، النحوي عالم، يعني في النحو، لكن لا يقال له: فقيه وهكذا.