فالعلم أعلم مطلقاً من الفقه، وقد يرِد الفقه ويراد به ما يرادف العلم الشرعي، كما في حديث:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، ((يفقهه في الدين)): هل معنى هذا أن الذي يعرف المسائل والأحكام الشرعية بأدلتها، ولا يعرف غير هذا النوع من العلوم يدخل في هذه الدعوى؟
لا يعرف إلا الأحكام، يعرف أحكام الطهارة والصلاة والزكاة والبيوع والمعاملات والجنايات وغيره، يعرف الفقه بجميع أبوابه، لكنه ليست له يد فيما يتعلق بالسنة أو بكتاب الله -عز وجل- مما هو قدر زائد على ما يحتاجه الفقيه.
هل .. ، نتصور أن النبي -عليه الصلاة والسلام- يقول مثل هذا الكلام:((من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين))، يفقهه: المراد بالفقه هنا الفهم، والدين بجميع أبوابه، فيشمل جميع أبواب الدين التي منها معرفة العقائد والأحكام والتفسير والمغازي وغيرها، جميع أبواب الدين داخلة في الفقه المدعو به هنا أو المخبر عنه هنا، وقد دعا النبي -عليه الصلاة والسلام- لابن عمه عبد الله بن عباس -رضي الله عنه- أن يفقهه في الدين وأن يعلمه التأويل.
سمى بعض العلماء الاعتقاد: الفقه الأكبر، وهو تسمية له مأخوذة من الفقه بالمعنى الأعم لا بمعناه الخاص، وفي قرة العين -شرح الورقات- يقول: وكذا بالمعنى اللغوي ما تقدم بالنظر إلى المعنى الاصطلاحي الفقه أخص من العلم، يقول: وكذا بالمعنى اللغوي؛ فإن الفقه الفهم والعلم المعرفة وهي أعم، لا يمكن أن يفهم إلا وهو عارف، لكن يمكن أن يعرف وهو غير فاهم؟!
على كلامه هو، يقول: المعرفة أعمّ من الفقه الذي هو الفهم، فعلى هذا كل فاهمٍ عارف، وليس كل عارف فاهماً، وإن قلنا: إن الفقه هو الفهم الدقيق للمسائل الخفية اتضح الأمر أكثر، صار الفقه بمعناه اللغوي أخص، ويقال: عالم وعلام وعليم لكن لا يقال: عارف؛ لأن المعرفة تستلزم سبق الجهل، وعرفنا الجواب عن مثل قوله -عليه الصلاة والسلام-: ((تعرف على الله في الرخاء يعرفك في الشدة)).
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
والعلم لفظ للعموم لم يخصّ ... للفقه مفهوماً بل الفقه أخص