هنا قالوا: لأنه يلزم عليه الدور، لكن بأسلوبٍ مبسّط جداً، نقول: إن المعلوم لا شك أنه مشتق من العلم، لكن العلم بجملته يشتمل على معلومات كثيرة، العلم إجمالاً يشتمل على معلومات كثيرة، هذا الكتاب مثلاً علم، وفي هذا الكتاب -الذي هو بمجموعه علم- فيه معلومات كثيرة، فمعرفة هذه المعلومات تدريجياً إذا اكتملت صارت علماً، والأصل الذي يشتق منه هذه الجزئيات وهذه المسائل، العلم -علم الأصول أو علم الفقه أو علم الفرائض أو علم الحديث أو ما أشبه ذلك- هو عبارة عن مسائل تجتمع وتكتمل شيئا فشيئاً حتى تصير علماً، وهذا شيء ملاحظ في المحسوسات، فالمادة التي تتركب من مجموعة جزئيات لا تسمى مادة إلا إذا اكتملت هذه الجزئيات، فإذا أحضرت الماء وأحضرت معه .. ، غليت هذا الماء ووضعت فيه شيء من السكر والشاي صار شاي، فبمجموع هذه الأمور يصير شيئاً، وبمجموع المسائل يصير علماً، بمجموع هذه المعلومات يصير علماً، وإذا فسر المعلوم بأنه ما من شأنه أن يعلم انتفى الدور.
وقولهم انتقد أيضاً بأن قوله: على ما هو به في الواقع: قدر زائد في الحد، على ما هو به في الواقع: لا يحتاج إليه؛ لأن المعلوم لا يستحق أن يكون معلوماً إلا إذا كان على ما هو به في الواقع؛ إذا خالف الواقع هل يستحق أن يسمى معلوماً؟
لا يستحق، إذن على ما هو به في الواقع: قدر زائد في الحد، والحدود ينبغي أن تكون مع كونها جامعةً مانعة أن تكون أيش؟ مختصرة، لكن هم لا يأبون في التعاريف والحدود التصريح بما هو مجرد توضيح، إذا لم يترتب عليه تطويل للحد، فليكن هذا مما هو تصريح بما هو مجرد توضيح ولا مانع منه.
قوله: معرفة المعلوم: يفضي عدم المعرفة والجهل بقسميه، وعلى ما هو به يخرج الجهل المركب على ما سيأتي.
يقول الناظم -رحمه الله تعالى-:
وعلمنا معرفة المعلوم ... إن طابقت بوصفها المحتوم
والجهل تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع: تصور الشيء على خلاف ما هو به في الواقع، العلم كما هو مصدر علم يعلم علماً، والجهل أيضاً مصدر جهل يجهل جهلاً وجهالةً.