لكن يدخل هذا الكلام في ما معنا من الجهل المركب؛ لأن هذا الذي يقول: أعمى الصين يجوز أن يرى بقة الأندلس، هذا يعرف أنه لا يعرف؟ لا، عند نفسه أنه من أذكى الناس، وقد يوجد الذكاء لكن إذا لم يكن العون من الله -سبحانه وتعالى- فالذكاء لا شك أنه نعمة وفضل من الله -سبحانه وتعالى- كغيره من النعم التي تفضل بها الله -سبحانه وتعالى- على عباده، لكن إذا ما استغل هذا الذكاء فيما يرضي الله -سبحانه وتعالى- ويوصل إلى جنته صار نقمة ما صار نعمة، فالإنسان قد يؤتى الذكاء لكن لا يؤتى الزكاء، وبعضهم يقول: الزكاء هو الذكاء لا .. نعم، ما في أحد إذا أراد أن يقول: الذكاء قال: الزكاء؟
القسم الثاني من أقسام العلم: هو العلم المكتسب، عرفه المصنف بقوله:
هو ما يقع عن نظرٍ واستدلال: وأما العلم المكتسب فهو الموقوف على النظر والاستدلال: وذلك كالعلم بأركان العبادات وشروطها وأركان العقود وغيرها مما لا يدركه كل أحد، مما لا يدركه كل أحد إلا بالنظر والبحث عن مقدماته، كدقائق العلوم الثابتة بالأدلة مما لا خلاف فيه بين العلماء.
إذن عرفنا أن العلم هو لا يحتمل النقيض، لا يحتمل النقيض، والذي فيه خلاف يحتمل النقيض وإلا ما يحتمل؟ الذي فيه خلاف يحتمل النقيض، وأما ما يختلف فيه أهل العلم من المسائل فإنها لا تدخل في هذا بل هي ظنية كما سيأتي في تعريف الظن.
فالعلم بقسميه الضروري القطعي، والنظري المكتسب لا يحتمل النقيض بحال بخلاف الظن على ما سيأتي، لكن الفرق بينهما أن الضروري لا يحتاج إلى نظر كالعلم بأن الواحد ليس باثنين، إذا قلت لزيد من الناس: كم نصف الاثنين؟ يقول: انتظر معي آلة خليني أشوف، يمكن؟
ما يحتاج إلى أن انظر واستدلال ولا مقدمات ولا شيء بيقول لك: واحد على طول.
إذا قلت له: النار باردة وإلا حارة؟ يقول: اصبر خليني أشوف؟ لا ما يمكن، هذا لا يحتاج إلى نظر ولا إلى استدلال فهو علم ضروري، بخلاف النظري إذا قلت للواحد: كم نصف الاثنين؟ قال لك مباشرة واحدة، لكن إذا قلت لزيد من الناس: كم سبع ١٩٥٥ كم سبعها؟
هذه ضرورية وإلا نظرية تحتاج إلى نظر واستدلال وقسمة و .. ؟