المبتدعة لما يقسمون المعلوم إلى مثل هذه الأقسام لهم هدف ومقصد ومغزى أن يقولوا: أكثر الأدلة ظنية، وأخبار الآحاد ظنية، والظن لا يثبت به علم، إذن العقائد لا تثبت بالمظنونات، فينفون الأسماء والصفات من هذه الحيثية -من هذه الجهة- ونحن ننفصل من هذا ونقول: ما تثبت به الأحكام تثبت به العقائد، فالظن موجب للعمل في جميع أبواب الدين عند جميع من يعتد بقوله من أهل العلم، تثبت بغلبة الظن، وأكثر الأحكام من هذا النوع، وغالب الأحكام مربوط بغلبة الظن ومعلق به.
وقد يرد الظن ويراد به اليقين كما في قوله تعالى:{الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُم مُّلاَقُو رَبِّهِمْ وَأَنَّهُمْ إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [(٤٦) سورة البقرة]. ويرد ويراد به المرجوح، ويراد حينئذٍ الوهم، وهو الذي لا يغني من الحق شيئاً.
والشك عند أهل العلم لا يزيل اليقين، فمن تيقّن الطهارة وشك في الحدث فهو على طهارة بخلاف ما إذا غلب على ظنه، احتمال ضعيف أنه انتقضت طهارته يلتفت إلى هذا الاحتمال؟ يبني على غلبة الظن، لكن لو كان متردد على حدٍ سواء نقول: الشك لا يرفع اليقين.
إذا عرفنا هذا فالذي يفيده القرآن الكريم ومتواتر السنة هو العلم، وأما خبر الآحاد ففي الأصل .. ، قرب الشيخ؟
إذا عرفنا هذا فالذي يفيده القرآن الكريم ومتواتر السنة هو العلم، وأما خبر الآحاد ففي الأصل لا يفيد إلا الظن عند جمهور العلماء، وقد يفيد العلم بالقرائن على ما اختاره شيخ الإسلام ابن تيمية وابن القيم وابن حجر وغيرهم، وبيان ذلك .. ، قد يقول قائل: كيف خبر صحيح يفيد الظن؟ خبر صحيح نقله العدل الضابط عن مثله بسندٍ متصل وسلم من الشذوذ والعلة، كيف نقول يفيد الظن؟
نقول: نعم، بيان ذلك أن الراوي العدل الضابط المتقن مهما بلغ من الدرجات العليا في هذه الأوصاف -ولنأخذ على ذلك من الأمثلة مالك نجم السنن- مهما بلغ الراوي في هذه الأوصاف فإنه ليس بمعصوم، بل هو كغيره يطرأ عليه الخطأ والنسيان، وقد وهم الإمام مالك في بعض الأحاديث وفي بعض أسماء .. ، وفي أسماء بعض الرواة لذا فإن خبره يحتمل النقيض.