الظاهر أن القول بالمجاز إنما هو .. ، إنما أحدثه المبتدعة؛ ليتوصلوا به إلى نفي صفات الله -عز وجل- بادعاء أنها مجاز.
من أقوى ما يستدل به على إنكار المجاز أنه يجوز نفيه، وليس في النصوص ما يجوز نفيه، أيش معنى هذا الكلام؟ المجاز يجوز نفيه، وليس في النصوص الشرعية ما يجوز نفيه؟
إذا جاء رجل شجاع فقال واحد من الناس: جاء أسد، لقائلٍ أن يقول: كذبت، ما جاء أسد، أليس له ذلك؟
نعم، ما جاء أسد؛ لأن حقيقة الأسد حيوان مفترس، فإذا كان يجوز نفيه فليس في النصوص ما يجوز نفيه، لكنهم أطلقوا الأسد على الشجاع، فهل نقول: إنه مجاز؟ وهذا في غير النصوص ونلتزم بلازمه أنه وإن جاز نفيه نقول به كما يقول بعضهم، أو نقول: إنه استعمال حقيقي، الأسد كما يطلق على الحيوان المفترس يطلق على الرجل الشجاع؟
على كل حال الكلام في المجاز فصله ابن القيم -رحمه الله تعالى- في (الصواعق) وشدد في النكير على من أثبته، ولا شك أنه باب ولج منه المبتدعة فأنكروا صفات الله -عز وجل- بسببه، ولا شك أن الأثر المترتب عليه شديد.
بعد ذلك عرف الحقيقة بأنها ما بقي في الاستعمال على موضوعه: ما بقي: أي اللفظ الباقي في الاستعمال على موضوعه، أي الذي وضع له، وضعه له المتخاطبون -أهل اللغة- على موضوعه اللغوي كما هو المتبادر من اللفظ -من ذكر الوضع-.
وقيل في تعريف الحقيقة: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة: وإن لم يبق على موضوعه كالصلاة بالهيئة المخصوصة المعروفة لدى المسلمين، فإنه لم يبقَ على موضوعه اللغوي وهو الدعاء، والدابة لذات الأربع كالجمل والحمار وغيرهما فإنه لم يبق على موضوعه -وهو كل ما يدب على الأرض- عندنا الحقائق كم؟
ثلاث، الحقائق ثلاث: لغوية وشرعية وعرفية، على التعريف الأول الحقيقة ما بقي في الاستعمال على موضوعه: الحقيقة واحدة ولا تتعدد، وما عداها كله من قبيل المجاز، وعلى التعريف الثاني: ما استعمل في ما اصطلح عليه من المخاطبة: تتسع دائرة الحقائق فتكون ثلاثاً، فإذا قيل: جاء أسد، فبدلاً من أن يقال: هذا مجاز، يقال: اصطلح المخاطبة عليه، فيكون حقيقة عرفية.