لأنه على التعريف الأول تنحصر الحقيقة باللغوية فقط، وعلى التعريف الثاني يتسع أمر الحقائق وتتنوع إلى ثلاثة أنواع.
الحقيقة إما لغوية وإما شرعية وإما عرفية: والحقيقة اللغوية: ما وضعه أهل اللغة كالأسد للحيوان المفترس، والشرعية: التي وضعها الشارع كالصلاة -العبادة المخصوصة- والعرفية: ما وضعها أهل العرف سواء كان العرف عاماً أو خاصاً، والعرف العام: ما تعارف عيه الناس على جميع مستوياتهم وطبقاتهم كالدابة لذات الأربع، وهي في أصل اللغة -حقيقة الدابة اللغوية-: كل ما يدب على وجه الأرض، حقيقتها العرفية في عرف عامة الناس ذوات الأربع، ومثله ما تعارف عليه أهل العرف الخاص -ما اصطلح عليه أهل العرف الخاص- هذه حقائق، كالفاعل عند النحاة، الفاعل عند النحاة حقيقة عرفية، الباب عند أهل العلم -في الكتب - يقولون باب؛ الحقيقة الأصلية للباب اللغوية: ما يدخل ويخرج منه، مثل هذا الباب وذلك الباب وغيرها من الأبواب، هذه حقيقة الباب، ما يدخل وما يخرج منه، لكن الباب في كتب أهل العلم حقيقة عرفية، نعم، لو تقول لشخص عامي: اقرأ الباب، يعرف يقرأ الباب؟ أيش يبى يسوي؟ ماذا يصنع؟ يظنك تقول: اقرع الباب؛ ما يعرف أن هناك باب غير الباب المعروف، لكن هذا عرف عند أهل العلم، وهذا كما تقدم جارٍ على التعريف الثاني للحقيقة، وأما على التعريف الأول فالحقيقة خاصة باللغوية.
وثالثاً إلى مجازٍ وإلى ... حقيقة وحدها ما استعملا
من ذاك في موضوعه وقيل ما ... يجري خطاباً في اصطلاحٍ قدما
أقسامها ثلاثة شرعي ... واللغوي الوضع والعرفي
ثم ذكر -رحمه الله تعالى- أنواع المجاز فقال: والمجاز إما أن يكون بزيادةٍ أو نقصان أو نقل أو استعارة: ثم مثّل للزيادة بقوله -جل وعلا-: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} [(١١) سورة الشورى]، والنقصان مثل قوله تعالى:{وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ} [(٨٢) سورة يوسف]، والمجاز بالنقل: كالغائط فيما يخرج من الإنسان، والمجاز بالاستعارة قوله تعالى:{جِدَارًا يُرِيدُ أَنْ يَنقَضَّ} [(٧٧) سورة الكهف].