للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

السائل أنه اشتبه عليه حديث سلمة بن الأكوع١، الذي خرجه مسلم بلفظ "مررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهزماً"، فلذلك حلف أن النبي - صلى الله عليه وسلم لم يول.

ودل ذلك على أن "منهزماً"حال من سلمة، ولهذا وقع في طريق أخرى "ومررت برسول الله - صلى الله عليه وسلم - منهزما وهو على بغلته، فقال لقد رأى ابن الأكوع فزعا".

ويحتمل أن يكون السائل أخذ التعميم من قوله تعالى: {ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ} ، [سورة التوبة، من الآية: ٢٥] ، فبين له أنه من العموم الذي أريد به الخصوص. ا?٢.

وقال النووي حول حديث سلمة بن الأكوع: "قال العلماء: قوله (منهزماً) حال من ابن الأكوع، كما صرح أولا بانهزامه، ولم يرد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - انهزم، وقد قالت الصحابة كلهم: أنه - صلى الله عليه وسلم - ما انهزم، ولم ينقل أحد أنه انهزم - صلى الله عليه وسلم - في موطن من المواطن، وقد نقلوا إجماع المسلمين على أنه لا يجوز أن يعتقد انهزامه - صلى الله عليه وسلم - ولا يجوز ذلك عليه، بل كان العباس وأبو سفيان بن الحارث آخذين بلجام بغلته يكفانها عن إسراع التقدم نحو العدو". ا?٣.

ونقل الزرقاني: "نحو قول النووي ثم قال: وقوله "قالت الصحابة كلهم أنه - صلى الله عليه وسلم - ما انهزم، فلا يجوز أن ينقل عن سلمة ما يخالفهم بمجرد لفظ محتمل دفعته الرواية الأخرى عنه، فهذا من جملة ما استند إليه العلماء في أنه (حال من ابن الأكوع) ". ا?٤.

وقد عقد القاضي عياض فصلا في شجاعة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - ونجدته فقال: "وأما الشجاعة والنجدة: فالشجاعة فضيلة قوة الغضب وانقيادها للعقل، والنجدة ثقة النفس عند استرسالها إلى الموت حيث يحمد فعلها دون خوف، وكان - صلى الله عليه وسلم - منهما بالمكان الذي لا يجهل قد حضر المواقف الصعبة وفر الكماة٥ والأبطال عنه غير مرة، وهو ثابت


١ سيأتي برقم (٨٢) .
(ابن حجر: فتح الباري٨/٢٨-٢٩، والنووي شرح صحيح مسلم ٤/٤٠٤) .
(النووي: شرح صحيبح مسلم ٤/٤٠٨، والقسطلاني: المواهب اللدنية ١/١٦٣) .
(الزرقاني: شرح المواهب ٣/١٧) .
٥ الكماة: جمع كمي وهو الشجاع المتكمي في سلاحه، أي المتغطي المتستر بالدرع والبيضة. (مختار الصحاح ص٥٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>