للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لا يبرح ومقبل لا يدبر ولا يتزحزح وما شجاع إلا وقد أحصيت له فرة وحفظت عنه جولة سواه - صلى الله عليه وسلم -، وأن الصحابة كانوا إذا اشتد البأس والتحم القتال يتقون برسول الله - صلى الله عليه وسلم - ". ا?١.

قال ابن الحجر: "وفي حديث البراء بن العازب من الفوائد: حسن الأدب في الخطاب، والإرشاد إلى حسن السؤال بحسن الجواب، وذم الإعجاب، وفيه: جواز الانتساب إلى الآباء ولو ماتوا في الجاهلية، والنهي عن ذلك محمول على ما هو خارج الحرب، ومثله الرخصة في الخيلاء في الحرب دون غيرها، وفيه: جواز التعرض إلى الهلاك في سبيل الله، ولا يقال: كان النبي - صلى الله عليه وسلم - متيقناً بالنصر لوعد الله تعالى بذلك وهو حق لأن أبا سفيان بن الحارث - وقد ثبت معه - آخذا بلجام بغلته وليس هو في اليقين مثل النبي - صلى الله عليه وسلم –".

وقد استشهد في تلك الحال أيمن بن أم أيمن، وفيه: ركوب البغلة إشارة إلى كزيد الثبات، لأن ركوب الفحولة مظنة الاستعداد للفرار والتولي، وإذا كان رأس الجيش قد وطن نفسه على عدم الفرار وأخذ بأسباب ذلك كان ذلك أدعى لأتباعه على الثبات، وفيه شهرة الرئيس نفسه في الحرب مبالغة في الشجاعة وعدم المبالاة بالعدو. ا?٢.

وقال النووي: "قال العلماء: ركوبه - صلى الله عليه وسلم - البغلة في مواطن الحرب وعند اشتداد البأس هو النهاية في الشجاعة والثبات، ولأنه أيضا يكون معتمدا يرجع المسلمون إليه، وتطمئن قلوبهم به، وبمكانه، وإنما فعل هذا عمدا وإلا فقد كانت له أفراس معروفة، ومما ذكره في الحديث - يعني حديث العباس - من شجاعته صلى الله عليه وسلم تقدمه يركض بغلته إلى جمع المشركين، وقد فر الناس عنه، وفي الرواية الأخرى - يعني حديث سلمة بن الأكوع - أنه نزل إلى الأرض حين غشوه، وهذه مبالغة في الثبات والشجاعة والصبر، وقيل فعل ذلك مواساة لمن كان نازلا على الأرض من المسلمين وقد أخبرت الصحابة - رضي الله عنهم - بشجاعته - صلى الله عليه وسلم - في جميع المواطن".


(القاضي عياض: الشفاء ١/١١٤- ١١٨) .
(فتح الباري: ٨/٣٢، والزرقاني: شرح المواهب ٣/١٧) .

<<  <  ج: ص:  >  >>