للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقالوا: لا، إلاّ ابن أخت لنا١، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن ابن أخت القوم منهم فقال: "إن قريشا حديث٢ عهد بجاهلية ومصيبة، وإني أردت أن أجبرهم٣ وأتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيوتكم؟ " لو سلك الناس واديا٤ وسلك الأنصار شعبا لسلكت شعب الأنصار".

د- وفي لفظ من طريق أبي التياح٥ قال سمعت أنس بن مالك قال: لما


١ قوله: "إلا ابن أخت لنا"، قال ابن حجر: "هو النعمان بن مقرن المزني كما أخرجه أحمد من طريق شعبة عن معاوية بن قرة في حديث أنس هذا وكانت أم النعمان أنصارية" (فتح الباري ٦/٥٥٢و ١٢/٤٩) قلت: والحديث في مسند أحمد ٣/١٩ بإسناد صحيح وسياقه: حدثنا وكيع ثنا شعبة قال قلت لمعاوية بن قرة أسمعت أنسا يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للنعمان بن مقرن ابن أخت القوم منهم قال: نعم، قال النووي: "استدل بحديث الباب من يورث ذوي الأرحام وهو مذهب أبي حنيفة وأحمد وآخرين".
ومذهب مالك والشافعي وآخرين أنهم لا يرثون، وأجابوا بأنه ليس في هذا اللفظ ما يقتضي توريثه، وإنما معناه أن بينه وبينهم ارتباطاً وقرابة، ولم يتعرض للإرث، وسياق الحديث يقتضي أن المراد أنه كالواحد منهم في إفشاء سرهم بحضرته ونحو ذلك اهـ. شرح النووي على صحيح مسلم (٣/٩٩-١٠٠) .
قلت: بوب البخاري بقوله: "باب مولى القوم من أنفسهم وابن أخت القوم منهم" ثم ساق حديث: "ابن أخت القوم منهم أو من أنفسهم". قال ابن حجر: وكأن البخاري رمز إلى الجواب بإيراد هذا الحديث، لأنه لو صح الاستدلال بقوله "ابن أخت القوم منهم" على إدارة الميراث لصح الاستدلال به على أن العتيق يرث ممن أعتقه لورود مثله في حقه، فدل على أن المراد بقوله "من أنفسهم" كذا "منهم" في المعاونة أو الانتصار والبر والشفقة ونحو ذلك لا في الميراث.
ثم قال ابن حجر: "وقال ابن أبي جمرة: الحكمة في ذكر ذلك إبطال ما كانوا عليه في الجاهلية من عدم الالتفات إلى أولاد البنات فضلاً عن أولاد الأخوات حتى قال قائلهم:
بنونا بنو أبنائنا وبناتنا
بنوهن أبناء الرجال الأباعد
فأراد بهذا الكلام التحريض على الألفة بين الأقارب. اهـ. (فتح الباري ١٢/٤٩) .
٢ قال ابن حجر: "كذا وقع بالإفراد في الصحيحين، والمعروف حديثو عهد، وكتبها الدمياطي بخطه "حديثو عهد" وفيه نظر. وقد وقع عند الإسماعيلي "إن قريشا كانوا قريب عهد".اهـ. (فتح الباري ٨/٥٤) .
وقال محمد فؤاد عبد الباقي بعد أن أشار إلى ما ذكره ابن حجر قال: "وفعيل يستوي فيه الإفراد وغيره (تعليقه على صحيح مسلم، وهذا معروف في اللغة انظر: شرح ابن عقيل (١/٦١) .
٣ قوله: (أن أجبرهم) قال ابن حجر: "كذا للأكثر - بفتح أوله وسكون الجيم بعدها موحدة ثم راء مهملة - للسرخسي والمستملي: بضم أوله وكسر الجيم بعدها تحتانية ساكنة ثم زاي - من الجائزة" (فتح الباري ٨/٥٤) .
٤ وعند الترمذي: "لو سلك الناس واديا أو شعبا، وسلكت الأنصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الأنصار وشعبهم"، وعند البخاري: "لو سلك الناس وادياً وسلكت الأنصار شعبا لسلكت وادي الأنصار أو شعب الأنصار".
٥ أبو التياح - بمثناة ثم تحتانية ثقيلة آخره مهملة- هو يزيد بن حميد.

<<  <  ج: ص:  >  >>